قصائد متفرقة

قصائد متفرقة 



  
بابلو نيرودا
(حورية البحر)
ترجمة علي صاحب


كلُّ هؤلاء الرجال كانوا هناك في الداخل
حينما دخلتْ عاريةً تماماً.
كانوا ثملين فشرعوا يبصقون عليها
ولانها جاءت من البحر حديثا لم تفهم شيئاً
كانت حوريّةً ضلّت الطريق
غمرت الاهاناتُ جسمَها المتلألئ
واغرقت البذاءةُ نهديها الذهبيين
لم تعرف الدموع فلم تبكِ
ولم تعهد الملابسَ فلم تلبس
أطفأوا على جسمها اعقاب السجائر وسدادات الفلين المحروقة
ثم تدحرجوا على ارضية الحانةِ يضحكون
لم تنبس بكلمة فهي تجهل الكلام
عيناها كانتا لونَ حبٍّ بعيد
وذراعاها قطعتين من التوباز
وبصمتٍ وهدوءٍ افصحت شفتاها عن نور مرجاني
وفجأة غادرت عبر ذاك الباب
لم تكد تدخل البحرَ حتى تطهرت
لمّاعةً ثانيةً كحجرٍ ابيضَ تحت المطر
ودون ان تلتفت, سبحتْ تارةً اخرى
سبحتْ نحو الهباء,سبحتْ نحو موتٍها.



حازم جمال  

لحظه يابتاع الروبابيكيا ..
انا عندي حاجات ماباقتش عاوزها
خُدها واديني بَدَلْها حاجات
خُد ساعة الحيطه ..
عشان ماباقتش بتابع الوقت
ولا حتّى بقابل بني ادمين
وبُص على المكتب بالمره ..
هتلاقي قصايد بالملايين
خُدهم واديني بدالها سنين ..
ضاعت علشان اصبح شاعر
طلعت فضفضه فيها مشاعر
وورق مرمي مالهوش لزمه
خد برضو كمان مني الجزمه ..
انا اصلاً مش بنزل م البيت
هتلاقي كمان عندك برواز مركون ع الحيط ..
فيه عيلتي اللي انا ماباقتش معاهم
خده يمكن لو مابقاش موجود / اقدر انساهم
واديني بداله طشت كبير
وشرايط عمرو كمان خدهم ..
لكن ماتاخدش اغاني منير
خد برضو لعبي وانا صغير / عندك بالكوم
هتلاقي كمان عندك شنطه مليانه هدوم
طب ينفع تاخد مني هموم !!!؟؟
مش عارف اديلك ايه تاني !!
ايه تاني !!
ايه تاني !!
ايه تاني حاجات مش لزماني !!!؟
استنى صحيح !!
خُش الاوضه ..
هتلاقي هدايا حبيبتي كمان / ماباقتش عاوزها
دنا عيشت الحلم وفي الاخر / مش هاتجوزها
وصرخت بعلو الصوت .. ازاااااي !!؟
ازاي تسيبيني/ وبالساهل ؟
بس انا في الاخر استاهل ..
علشان سيبتها تلعب بيّا ..
واديتها كرامتي فـ حنيّه
وماسيبتش واحد في الميه ..
يخليني ماعيش العمر تعيس؟
بعد الاحلام اللي مابنا / بتقولي انا اسفه انا جالي عريس
وانا لازم فعلاً انساك !!
فـ بقولك ايه ..
سيب كل الحاجه فـ مطرحها / انا جاي معاك !!



الشاعر عمرو حسن

الفيلم بيبدأ في الأوضه
المشهد متاخد من فوق
إنسان عريان
قافل على روحه وع الدخان
وعنيه مقفولة ومفتوحة بفعل التفكير
ف ضلوعه فراشه مايعرفهاش
من بنت حَضَنها وماحضنهاش
بينما في الأوضه في ناس أموات
وبفعل الوقت اتقلبوا حاجات
فيه ناس ماتوا اتقلبوا لمرايات
وفيه ناس كرانيش
وحزام ومخده وضلفة شيش
وسجاير وأزايز ميّه
الزووم قرّب منه شوية
طفّى سيجارته ف أقرب ذكرى
ثم اتنهد
وبدوره استسلم للفكره
فاتغطّى ونام

_ ملحوظة _ ... فيلم السلم والتعبان فيلم مهم جداً وحقيقي ، مش بس لإنه مربوط من دراعه ف الشتا لكن عشان ياسمين كانت مظبوطة قوي زي القهوة اللي وشها معمول بالشعره وحازم كمان كان حقيقي / مش بلاستيك زي أبطال السيما ، وعشان كل ما اتفرج عليه الدنيا تمطّر .. ممم .. آسف لوخرجت عن السياق

كان ليل خارجي
والمخرج واخد كادر جديد
شارع زحمة
والضوء خافت وكإنه شفايف خانها الروج
كان هو لو بيتمشّى مغرّب وحزين
ومعاه أصحابه اللي تمللي بيكملوا عشرين
أصحابه سجايره اللي مابينهم حزن ونيكوتين
يسأل نفسه ف مشهد صامت :
هو أساساً كان مين ساب مين ؟
تطلعله كمنجة بدون أسباب
مزيكا بتشبه للأحداث
كان ماشي ومش حاسس بالناس
بيفكّر ف المشهد كله

هي وهو / أول مرة بيحضنها بجد / ادته بوسة / ماتقولش لحد / أصحابها أزايز بفيونكات / وعنيها بنات / بتحب تبرّق ف المانيكان / و ف ده بالذات / ازاي بتقولي ان انا كداب / انا مش عاوزة نكمل وخلاص / البرد بدونها كإنه رصاص / والليل وياها خيال ومكان
الحزن الساكن فيه كان بان
بينما قطع المخرج بهدوء
على آخر ضوء متسرسب من نور العواميد
ثم اتحوّل إلي كادر بعيد

_ بالمناسبة _ ... أنا مش عاوز اقطع عليكم الوصل ، بس عاوز أقولكم ان عمر خيرت مش مزيكاتي ، تقدروا تقولوا انه بيانو طلعله بني ادم ، الموضوع مش مزيكا وبس ، الموضوع روح .. نَفَس سماوي .. أو دهشة مستمرة

مشهد متاخد من كازينو
جرسون ساند علي حيطة رخام
بيتابع واحد قاعد وحدُه ف ترابيزة
بيفكّر ف صحابه الدخان
وبيخلق بنت من الأحزان
ويجيبها عشان تقعد ويّاه
_ أنا لسه بحبك والله يا اللي انتي حياة
تضحكله وهي ف عينها دموع
كان نفسه تقول : خلص الموضوع
وتعود ويّاه كما كانوا زمان
المخرج كان ثبِّت مشهد
لصاحبنا لوحده مع المانيكان
بيفكّر وف إيده سيجارة
وحبيبته بتخلص ف الدخان

_ الليل _ ... كان لازم يكون اسود ، لإن كل تفاصيله أنيقة زي لونه ، الوحده والمزيكا والقهوة والبرد والإضاءة الخافتة ... كل شيء أنيق لونه اسود .. والليل بيقلب ف الورق القديم وبيدبحك بشكل يناسب أناقته وبيسيبلك ناس كتير قوي كل مابتقعد معاهم بتبقى لوحدك .


الشاعر أحمد أنيس
في حانة صغيرة بجنوب روسيا 

مرحبًا
إسمي أنستازيا
يمكنك أن تدعوني ناستيا
نقدم الشيشة بكل النكهات
شاي / قهوة / بيرة جيدة 
وكل أنواع الخمور
،
ناستيا في المكان
أشد لهيبًا من فحم تعده
تتحرك بين الطاولات
بخفة تنافس الدخان
تصب البهجة حولها أكثر مما تصب الخمر
تضحك تغني تتمايل بخطوتها وقد ترقص
جميلة كحكاية لم تكتمل
وحزينة
،
ناستيا الآن في العشرين 
تعمل منذ كانت في الرابعة عشر
حين قرر أبوها أن يرحل بحمل أقل
تساعد أمها
تدرس الموسيقى والغناء
تغني كملاك منهك
تتحمل مصاريف الدراسة مع سخافة الزبائن
وتحرق حلمها مع فحم الشيش
،
هي الآن في العشرين
غير أني أعرفها من قبل هذا
أعرفها 
منذ حاول ماركس إعادة حصان هيجل أمام العربة
منذ أدرك لينين أهمية السنبلة
منذ إختار تروتسكي التمرد على التمرد
ومنذ نسيَ ستالين أفضلية البذرة على القنبلة
ناستيا قديمة كالدائرة
ناستيا حكاية لا تنتهي
،
بالأمس سرق وغد ما هاتفها
وأصابها حرق طفيف من العمل
لم تبكِ
واكتفت بلمعة عين تُذهب بالعقل
حدث هذا بينما
كان العالم مشغولًا بأشياء كثيرة :
العودة اللاعادية لفريق البارسا
بعد هزيمة متمردي الكتلان برباعية نظيفة في حديقة الأمراء
هزموا باريس بستة أهداف كاملة في أرض برشلونة
تبادل مهرج أمريكا التهاني مع سيد روسيا القوي
تنافس الألمان والفرنسيون والهولنديون والأتراك
حول مهزلة العالم الجديد
واجتاحت عاصفة ثلجية غربي كندا
وقصفت طائرات ما مناطق ما
ولم يعرف أحد بما حدث لناستيا
ولم ينتبه أحد
(أن العالم مكان قمئ جدًا للعيش )
،
أريد أن أكتب عن ناستيا
كيف سأحكي عن جرس ما بصوتها
حين تقول ( إسمي ناستيا )
وعن علاقة هذا الجرس 
بتلاوة رفعت ( وما كان ربك نسيًا )
أريد أن أحكي عن ناستيا
كما أريد تعريف الخيانة من جديد
كأن أقول 
أنا لم أخن أحدًا ولن
لكن الخيانة كل الخيانة 
أنهم لا يحبون ناستيا.


فريد أبو سعدة
البونسيانا

هذا الصباح يليق بالموتى
هى امرأة 
(على كرسيها المتحرك) انتبهت
لضوءٍ رائقٍ يأتى من الشباك،
هل مرّ إصبعها فأيقظ فى الصباح
قطيفة من نومها
أم كان وجهٌ غارقٌ تلهو عليه النمنمات
يشدُّ إصبعها إليه لعله يطفو
هى امرأةٌ
كأن الضوء مبهورٌ بعينيها
ومبهورٌ بشكل يدين نائمتين
مثل يمامة خضراءَ
ها هى تدفع الكرسىَّ فى ضعفٍ إلى الشباك
يتسع المدى
والبونسيانا تمنح العصفور وقتا كافيا للبوحِ
وقتا كافيا لتحطَّ أغنيةٌ على الشباك
سحرٌ ما
أعاد إلى المدى سورا من الآجرِّ
مصطبةً وأهلا
أهِ يا نداهة الوقت الجميل
الليل كالحجر الكريم
والبونسيانا ترقب الفهد الذى ألقى غزالته على عشب
ويرشق وردةً حمراء فى جسدٍ
فتمرح فيها الحمّى
نجومٌ
كان يدفعها الفضول ، تخبّأت فى البونسيانا
صِبْيةٌ فى الحقل يختبئون تحت لهاثهم
هل هربت - سرا - زغاريد الصبايا
شهقة امرأة 
وهل فضّ النعاس الختم عن نخل له شكل الذكور
الآن يندلع الجنون
يهجُ من فمها الفراشُ سحابة خضراء، خاوية 
كحبَّ الكهرمان
تتغامز النجمات
ثم يرحن قبل تساقط الجسدين فى حقل الضباب..
البونسيانا فى بخار الفجر 
تنفض شعرها المبتل كامرأة
فيسقط زهرها هشّا على جسدين
طفل يسيل مخاطه الشفاف
يسند ظهره للسور، 
يلحظ أن جدته ترامقه فيضحك 
وهى لا تضحك
فرحٌ
يكبُّ الشمس بالمرآة 
فى عينين ذاهلتين
يضحك 
وهى لا تضحك
تأتى من اليومى سيدةٌ
وتمسح كفها فى ذيل جلباب المهام المنزلية 
ثم تمضى 
حيث كانت وحدها، 
(تطفو على نهر خجول
ربما يستأذن الأشجار كى يمضى
ويبده طائرا فى الغيم معتذرا
عن الصوت المبلل بالأسى)
- هل أغلق الشباك
- كلا أتركينى ساعة أخرى أمام البونسيانا
- البونسيانا!
لا شئ يا أمى سوى ولدى
وسور فوقه سجادة الجيران
هيا فالسماء مليئة 
فرت على الخد المموج دمعتان
وتحرك الكرسى فانكمش المدى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق