الاثنين، 24 ديسمبر 2018

فأر وامرأة ورجل



فأر وامرأة ورجل
قصة قصيرة

فأر على الحبل، امرأة فى نافذة تنشر غسيلا، رجل فى جلباب ممزق يقف تحت النافذة بعربة يد لبيع الخُضر.
يتحرك الفأر ببطء مميت فهو يخشى الحركة المضادة على الحبل، تنحنى المرأة كفرع شجرة تهزه الريح لترفع قطعة قماش من طبق بلاستك، يتململ الرجل فى وقفته تحت النافذة لعدم وجود الشارى ويلقى بنظره إليها فى الأعلى.
الفأر يتملكه الفزع فيتوقف تماما لكن رغبته فى العبور لم تتغير، المرأة ترفع قطعة القماش تنفضها فى الهواء لطرد الماء، تمسك بالمشابك فى يدها وتضع قطعة القماش على الحبل وتثبتها، وتنحنى فى اتجاه طبقها البلاستك من جديد،  الرجل يخرج من جيب جلبابه علبة سجائره، يشعل إحداها وينظر فى اتجاه قطرات الماء المتساقطة منتظرا النداء وينفخ دخانه فيصعد لأعلى.
يرى الفأر فى قطعة القماش المعلقة والتى يحركها الهواء كيفما شاء عدوا قديما فيغلب خوفه حذره، يسرع فى محاولة يائسة عبر الحبل للوصول إلى حد النافذة الآخر حيث جحره، ترفع المرأة وجهها عن طبقها البلاستك في اللحظة غير المناسبة لها وللفأر، تفزع من هرولته فتلقى بقطعة القماش من يدها في اتجاهه، تأخذه قطعة القماش في طريقها للأسفل متدثرا بها.. تُخْرج قطعة القماش الساقطة فوق العربة  الرجل الغارق ما بين ذكرياته ولحظات الملل من شروده.. يتحرك في اتجاهها ويمسكها فى يده، تتحرك قطعة القماش بين يديه فيفزع ويرتد بجسده إلى الخلف بعد أن يرمى بها إلى الأمام.. تتحرك العربة تحت ثقل جسده الملقى عليها فتلقي بخضارها على الأرض.. صوت المرأة المفزوعة يصل أخيرا إلى أرضية الشارع ويسكن بجانب خضروات العربة.. البائع يوزن حركته، ويستعيد هدوءه فيستغفر ربه الذي جعل يومه يبدأ هكذا، ويبدأ في إيقاف العربة ولم الخضراوات.. المرأة من النافذة تحاول أن تحصل على قطعة قماشها الساقطة أرضا بجانب صرختها... الفأر يستغل حالة الارتباك التي عليها الجميع ويلجأ إلى شق في حائط قريب منتظرا أن تهدأ الحركة، بينما يفكر في الجهة الأخرى من الحبل حيث جحره وأطفاله.

الأحد، 28 أكتوبر 2018

القرية والجنون- قصص قصيرة جدا


القرية والجنون
قصص قصيرة جدا

أخبار سعيدة
الطائرة الورقية التى هددت مواقع صواريخ العدو العابرة للقارات، كانت تحمل عبر صفحاتها أخبارا صباحية جديدة، إذ بشرت الأطفال والنساء المحاصرين والجائعين بقرب رسو سفينة الألبان –التى يموتون لنقصها-  على شواطئ العدو الذى يحاصرهم.

القرية والجنون 
قذف الطفل الكورة إلى أعلى وانتظر، لكن الكورة لم تسقط.... ثلاثون عاما، خمسون عاما، ألف عام....  حين قص على الآخرين قصته اعتقدوا فيه الجنون، صار أضحوكة القرية.. لكن الزمن لم يتوقف طويلا هنا.. فالقرية هى القرية، أما الكورة فقد تغيرت.. ظهرت عليها الحياة.. نمت الطحالب.. الأسماك.. انقسمت الكائنات فوقها إلى برية وبحرية.. ثم ظهرت الرئيسيات، وانقسمت وانقسمت وانقسمت.. وظهر طفل يحمل كورة.. وتدرب وتدرب وتدرب.. حتى استطاع أن يقذفها لأعلى وانتظر.. 

موسم للنسيان
كان يُسْكنّها على عينيه، ثم يقضى الساعات الطوال فى البحث عنها، فى البداية كانت تجن، تبعثر الآشياء من حوله، تنفض الضوء لتبعد عنه الغبار، لمساعدته فى رحلة البحث... لكنها بعد مدة ملت أفعاله واعتادتها فاكتفت بالحياد، خاصة بعد أن كتب له الطبيب (برشامة) يبلعها كل صباح لتساعده فى العثور عليها.

حجرة ضيوف
فى الصالون، علق النجفة، وصورة الزفاف، ولوحة لمركب يعبر نهرا هائجا.. وأغلق بابها فى انتظار الضيف.. 
فى النهاية، كل من يدخل الحجرة يشده صورة العجوز الملتصقة بسارى مركب يقودها هيكل عظمى لرجل وسط شلالٍ من الضوء يجرى كأنه نهر من المياه.

مرآة 
تنتظرنى كل صباح لأطارد بقعة الضوء التى تعكسها على حائطى المقابل لها، والتى لم أفلح يوما فى الإمساك بها رغم أنها تتحرك ببطء شديد على الحائط، وتظل معلقة عليه وقتا يسمح للآخرين أن يلمحوا فشلى ويسجلوه فى كتبهم.

نفوس
يوما ما، ذهب رجل إلى السوق ليشترى بضاعة، فما وجد فى السوق إلا النفوس المريضة الضعيفة، فلم يشتر وعاد إلى بيته حزينا.. سألته زوجته -حين رأت حالته هذه- عن سبب حزنه وعدم شرائه بضاعة، فقال لها إنه لم يجد سوى النفوس المريضة الضعيفة والتى لن تتحمل بضاعتها عناء الدنيا فتَفْسد وتُفْسد الصالح.. عرف الحزن طريقه إلى قلب زوجته، ولكنها قالت له: أصبر فإن الله مصلح الأحوال إن شاء الله.. ونام يفكر فى الأمر، فأتاه فى منامه من قال له إنّه يمكنه أن يشترى من السوق هذه النفوس ويطعمها من هذه الشجرة، وأعطى له العلامة لتَصلح وتُصلح.. ومن يومها الرجل يذهب إلى السوق يشترى من النفوس الضعيفة المريضة ما يحتاج إليه ويطعمها من شجرة العلم فيصحوا ويَصْلُحوا ويُصْلحوا.

الاثنين، 16 يوليو 2018

مجرد موضوع


مجرد موضوع
قصة قصيرة 

بدأ الموضوع ببوسة على الخد، وانتهى بالنوم على السرير، فى المنتصف كان فيه حشو كتير.. منه.. إنها قابلت راجل قدر يعمل شقة قبلى فاحتمت بظل الراجل وسابت حيطتى المايلة، ومنه.. إنها خلفت ولد سمته على اسمى، وإن ابنها فى يوم من الأيام سألها مستغرب عن معنى اسمه، وزاد كُرْه له لما عرف معناه.. وإنها نصحتنى بالجواز لما لقتنى لسه باحلم، ونشطت فى البحث عن عروسة، لكن دائما كانت بترفض كل اللى يقع فى الطريق قُدّامها لأنها مش شبهها، ومش هتقدر تتعامل مع رومانسيتى من وجهة نظرها، ومنه..  إنى قابلت ابنها فى يوم ولما عرف إن اسمى يشبه اسمه اتشائم وخاف ليكون مستقبله زى مستقبلى.. فحزنت، لكن قدرت امنع الحزن يدخل قلبى وفضلت شايله فى عيونى دموع، كانت دائما بتخلى عينى تلمع كل ما المحها.. ومنه.. إنها جابت بنت تشبه قوى جوزها، فرفضت أحبها رغم إنها حتة منها، ورغم إنى ممكن أكون شاركت فى تكوينها ولو حتى بالخيال، ومنه..  إن العربية - اللى خبطتها وخلتها تنام على السرير النومة دى، وإدتها  بعد فترة قصيرة لقب المرحومة رغم صغر سنها وعيالها اللى بيدوروا عليها وينادوها فى احلامهم لحد النهارده-  اسرعت هاربة وقُيدت الحادثة ضد مجهول.

الأحد، 28 يناير 2018

فى يوم عادى




في يوم عادي
قصة قصيرة

خرج من حجرة نومه - جلبابه الأبيض واسع زاهٍ، عاري الرأس من عقاله - إلى الصالة الواسعة، جرجر قدميه العاريتين حتى وصل إلى باب الثلاجة، فتحه وشرب من مائها المثلج، أغراه طبق الحلوى العاري أمامه، فملأ منه فمه، وأمسك في يده ما استطاع إمساكه، ثم أغلق الباب واتجه إلى الحجرة من جديد، شد نظره على شاشة التلفاز – التي تحتل جدارا كاملا من الصالة -  أن الطفل الذي يقذف الحجارة على العسكري المدرع كان خفيف الوزن يطير كأنه ريشة، وأن القنابل الدخانية التي تسقط من حوله تضيف إلى الصورة هالة أسطورية، فيظن الرائي أن زيوس يعود من غفوته ويسترد مكانه كإله للبشر من جديد طاردا باقي الآلهة إلى الجحيم أو إلى الصقيع حيث موطنهم الأصلي، سحب نظره من فوق الشاشة وضوئها واتجه إلى الحجرة، الباب الموارب كشف له عريها الذي يناديه، أفرغ يده في فمه وواصل المضغ والبلع، ثم أسرع يجرجر قدميه تجاه الباب وأغلقه خلفه.