الاثنين، 23 ديسمبر 2013

حواء


حواء 

بكى وقال لها : أمى ماتت .
فضمته إلى صدرها وقالت : أنا أمك .
وأخرجت ثديها وأرضعته حتى غفا .
.. بكى وقال لها : مات أبى .
فضربته على وجهه وقالت له : كن رجلا واذهب لتحمل نعشه .
فى المساء دخلت غرفته عارية ..

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

صوت الباب



صوت الباب

تناهى إلى سمعه أن الباب يصدر صوتا كالأنين، فذهب من فوره إلى صديقه النجار.. حدثه كثيرا عن الإشاعات المنتشرة في البلدة، عن الأحزان التي تقتل قبل الأوان، عن الألم الذي يسببه الفراق، والأبواب التي تغلق ولا نستطيع فتحها.. وتذكر امرأته في مدفنها.. فقال له: "بابي يصدر أنينا"

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

حديث الليل




حديث الليل 
.....
- فمن هى ؟! .. ومن هو ..؟! .. ولم اجتمعا فى هذا الليل يا شهرزاد ؟
- إنهما أنا وأنت ..
- أنا وأنت ِ .. كيف ؟!
- لقد عبرنا باب الحكايات فصرت أنا هى وأنت هو .. هل تذكر – يا مولاى – حديث الليل .
- ماذا به يا شهرزاد ؟ .
- يومها دخلت حكايتى .. صرت جزءا منها تُحْدث ويَحْدُث لك ، لكنك لم تر يا مولاى بسبب هذه الأسوار ، لذلك حين دخلت السرداب وعبرت وجدتنى يا مولاى على صورتى تلك ، ووجدتك يا مولاى كما فى صورتى هذه .
- ما أصعبك على الفهم يا شهرزاد .. لكن ليكن .. أنا وأنتِ..  فلم الليل يا شهرزاد؟!
- لأنك مازلت فى القصر يا مولاى،  انظر إلى خارج أسوار الحديقة ، هل ترى ذاك الشعاع الذى يندفع خارجها؟ ، إنه الحياة يا مولاى .. هل تفعل.. ؟
- أين مسرور .. ؟ .. أين مسرور؟
- أمر مولاى ..
-هل ترى يا مولاى ها هو مسرور مختبئ خلف الشجرة ، حتى فى حلمك مسرور خلف الشجرة يحمل سيفا.. قل لى يا مولاى.. ألم تسمع قصتى بعد ؟ .. ألم ترددها عليك جدران القصر ؟ .. (كنت سيدة فى قصر ما .. يوما ما دخل إلى القصر تاجر غريب يحمل سلة صغيرة .. تفاحة صغيرة أهداها لى .. "قطمة" صغيرة وغياب كبير .. حملنى فى سلته ووضعنى فوق عربة اليد وهتف فى الأسواق .. من يشترى هذه بتلك ؟ وأشار إلى كيس نقوده .. وباعنى .. اشترانى هو.. كم دفع ليس يهم . لكنه وضعنى فوق سرير رمادى اللون فى قصر خالى من الحياة وسألنى أن أحكى أو أفقد الرأس .. ) .. فماذا أفعل يا مولاى ؟ ماذا أقول ؟ !! .. أحكى .. ؟ .. إذن فاسمع يا مولاى .. كانت تحبه قبل أن تراه ولم يحبها حتى رأها ، زرعا شجرة فى وسط أرض جرداء وانتظرا الصيف يليه شتاءا حتى جاء الربيع .. ماذا فى ربيعك يا مولاى ؟! .. هذا ابنى الأول منك .. هل تذكره ؟! .. (كان مسرور يراقب )
-كفِ عن المراوغة .. لما اجتمعا يا شهرزاد ؟!
-للحب يا مولاى
-فى خارج القصر ؟!
-هل ترى فى داخل القصر حبا يا مولاى ..
توجد إشارات غامضة فى القصة على أن سيفا ما كان يتحرك فى عشوائية مخططة مقتربا من رقبة فوقها رأس به فم ينطق .. فلأصحو ... كوكو كوكو ...
مولاى فإلى يوم آخر .

الاثنين، 18 نوفمبر 2013

حلمى وصديقى


حلمى وصديقى   

فى حلمى كنت أنا وصديقى تحت دش نغتسل، ونتبادل أحاديث تجرى كالماء، وتشاركه المصير.. فجأة شعرت كأن شيئا ما يثقل صدرى.. ثم ارتفع إلى حلقى.. حتى صار غصة فيه.. حاولت أن ألفظها مرارا.. القيت بها على الأرض.. لكنها كانت ما تزال ممتدة بشبكة من الخيوط لجوفى.. حاولت قطع شبكة الخيوط بيدى وأسنانى.. لكنى فشلت.. لفّتُها حول كفى مرات عدة و جذبتها للخارج بكل قوتى.. فانتُزعت خارجى..
قلت لصديقى : هل يعقل أن يكون بداخلى مثل هذا..؟!.
 ارتسمت على وجهه علامة استعجاب مصحوبة برعب.. احسست بشئ ما يتجمع فى فمى.. قذفت به، كانت دماء متجمعة.. انتابنى هاجس أنى ربما أنزف فى داخلى.. ملأت فمى بالماء وواصلت قذفه للخارج حتى خرج دون دماء،  فاطمأنت نفسى.. وصحوت أو ربما.. لكنى غادرت  سريرى.. سرت إلى مكتبى.. فتحت درج اسرارى واخرجت منه صورة حديثة لعاشقين.. تأملتها –هى "كانت" وصديقى العزيز- ثم قذفت بآخر  نقاط الدم التى تجمعت فى فمى –من جديد- ناحيتها.

الخميس، 7 نوفمبر 2013

الجزار والصبى - قصة قصيرة


 الجزار والصبي 

من زمان.. زمان قوي.. بيعيش إنسان شرير شغال جزار.. "أول مرة يدخل حكايتنا واحد شرير!!".. لكن ليه شرير؟!!!.. علشان ماسك في إيده سكين بيدبح به من غير ما قلبه ينفطر؟!!!!.. ولا علشان بيدبح من غير ما يحس بلسعة قلب الضحية؟!!!!.. ولا علشان لما الدم السخن بيجرى على إيده مابيعملش غير إنه يجرى المية الطاهرة –عليها- فيلوثها من غير ما يجمع دا في قزازة ويدفنه زى ما أي حاجة محترمة تستحق الدفن لما تموت؟!!!..
 لا.. أنا بأعتقد إن كل دا عادي وطبيعي مادمنا حطينا في إيده م الأول السكينة وسبناه يدبح ، لكن غير الطبيعي وإللي فعلا بيأكد إنه شرير إنه بعد كل دا لما يدخل الليل بيحط راسه على المخدة وينام من غير ما يحلم بأولاد الضحايا إللي دايما متعلقين في رقبة أمهم وأبوهم المدبوحين...
جزارنا دا كان عنده صبي صغير جدا.. كانت لسه جواه حتّة البراءة إللي علقها الجزار على مشنقته في أول يوم فتح الدكان.. الصبي كان كل يوم لما الليل يدخل حيطة راسه يصرخ م الرعب والألم.. أمه إللي دايما كانت بتبقى سايبة حضنها معاه كانت بتصحى مفزوعة:  مالك يا ابني..؟!!.. إيه إللي جرى؟!!..
: الدم يا أمه.
كان بيبكي زى أي عجل جاموس شايف أبوه مدبوح متعلق بيتباع مهما كان الثمن فهو بخس...
الجزار إللى كان حلم عمره.. صبي له قلب ميت.. إيد حديد.. عقل ما يعرفش إلا الحسم وبق ما يحسش باللذة إلا لما يدوق الدم، يحل محله لما يجي الأجل.. لما أم الصبي جت له وحكت الحكاية بكى.. بكى زى أي فحل جاموس فقد ابنه الحلم إللي متجسد قدام عينيه حزمة ضوء متعلق في حبل طالع به للسما.. ياما صبيان اشتغلوا عنده.. إللي مات وإللي صابه الجنون وإللي الرحمة خدته فى حضنها فصار ملاك.. ياما هرب منه صبيان..  وافتكر لما جه زمان – قبل الزمان- عليه الدور علشان يخش محل الجزارة صبى.. معلمه قعده جانبه.. رسم حلمه حواليه..
: نفسي في الصبي إللي يشوف الدم في حلمه ومايصحاش مفزوع.
 يومها شفت نفسي في حلم معلمي.. الصبح أمي جت تضحك في وش معلمي وقالت له:
الواد مبسوط قوي م الشغلة ده.. باين عليه حبها.. طول الليل نايم ينده باسمك تمسك من هنا وتربط هناك وتسن سكينك وتدبح ويضحك.. يضحك لدرجة إني افتكرته هيجنن، لكن لما خرج م الحلم سليم حمدت ربنا وجيت أشكرك.
يومها.. ضمني المعلم لحضنه وبكى.. بكى زى أي فحل جاموس اتجسد قدام عينيه حلمه قنديل ضوء ينور سما وقاللي:
 حلمي أنت – خلاصي – من ألف سنة وأنا بدور عليك.. دورك جه زى ما كان ليَّّ دور.. بس ياريت ماتعملش زيىّ.. وياريت تكون نهايتي –المكتوبة – غير نهاية معلمي.
وبكى وهو بيترحم على معلمه.
ع الظهر.. بهرني لون الدم إللي بيجري على إيدي.. سحرني الدفى إللي اتشرب منه كل جسمي.. مديت إيدي لبقي ودقته.. آه من طعم الدم.. لما جه الغدا مليت قزازة المية دم وشربتها.. مانساش الصورة إللي اترسمت على وش معلمي.. معلمي -إللي عمر الخوف ما خطر على باله- خاف..  لأول مرة فى حياته يخاف.. كأنه شاف مكتوب بيترسم.
ع العشا.. رفضت أمثل دوري للآخر.. أكون كومبارس في حكاية.. إيه المتعة في إنك تمسك الضحية.. تكتف وتثبت وتشد الرقبة.. لكن السكين... الله..
: عايز أدبح يا معلمي.
مانساش رعشة إيد المعلم.. السكينة الممدودة المرعوشة.. أول مرة إيده تترعش.. حتى لما خد السكين علشان يدبح أول رقبة ماارتعشتش إيده.. يومها طيرت أول رقبة.. جزتها... قلب المعلم ضحك.. قلب المعلم خاف.. مد إيده علشان ياخد السكين.."مين يقدر يسيب سكين ماسكها؟!!!!"..
عارفين في الساعة ده نسيت كل حاجة مابقاش بس غير إن حد هياخد مني السكين\دنيتي.. رفعتها لرقبة معلمي إللي وقف قدامي جسم من غير راس.. من يومها وأنا بجرى ورا حلم الصبى... كان الجزار حزين مش لإنه بيدبح لكن لإنه مش لاقي إللي ياخد من إيده السكين ويدبحه..
عارفين أنا متهيألي إن الجزار دا طيب مش زى ما كنا فاكرين لإنه بيحاول يهرب من عذاب الضمير حتى لو اندبح.
 

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

لعبة حب - قصة قصيرة




لعبة حب

الراجل إللى ساكن فى أعلى مكان من العالم ، وإللى كان شايف كل شئ وفاهم كل شئ ، وصل لعلمه إللى مالوش حدود إن بحر الحزن – إللى ساكن فى  قلب صاحبه إللى دايما بيزوره ويحكى له شكوته ويسمعه قصة حياته إللى هو حافظها من كتر ما اتقالت قدامه – قرر إنه يغرق القلب دا ويموّت صاحبه ، فنزل من ع الكرسى وقررإنه يرمى فى قلب صاحبه الحزين نقطة ميه لونها مختلف عن كل مية قلبه ، فخلقها –هى -.. صغيرة جداً زى حبة الفاصوليا وبعتها له .. لكن بعد شوية قلق وحس إن النقطة ممكن تتوه بين بحار الحزن وبين القلوب ، فبعت وراها ثلاثة من الملائكة إللى ياما لفوا وياما داروا فى القلوب ، وياما شربوا من البحار وعرفوا الحزن .. وأمرهم إنهم يرعوا ويحافظوا على قطرة الميه ويوصلوها للقلب المطلوب وفتح كتاب النبؤات وكتب :  بأن ده هتبقى شجرة خضرة جميلة وكبيرة تقدر تشرب وتهضم كل مية الحزن إللى فى القلب وتحولها لأزهار بيضا وحمرا وصفرا تنشر البهجة حواليها ..
الملايكة إللى ياما لفوا وياما داروا وزعوا نفسهم حوالين قطرة الميه .. الأول مشى قدامها يهش الغنم من طريقها والثانى مش وراها يحمى ظهرها من الخناجر إللى كانت بتظهر فى كل ركن من أركان الكون ، وإللى فى نص الطريق بالظبط أصابه واحد منهم فى ظهره فوقع قتيل ، فرفع الراجل الساكن فى أعلى مكان من العالم راية الحداد ورفع روحه لأعلى مرتبة من مراتب التقديس فعبد فى مكة 13 سنة قبل البعث على إنه إله .. أما الثالث فطار بطيارته الهيلوكوبتر فوقها بالضبط يحميها من الغارات الجوية – إللى كان الناتو بيشنها – ولما لمح ملاك الظهر بيسقط قتيل تولى من خلال مدفعه المضاد للأفراد وإللى متركب على الطيارة حماية ظهرها... لحد ما وصلت للقلب المطلوب وهنا انتهى دور الملايكة ورجعوا للسما.
كانت جميلة جدا ، صافية جدا ، لكن لما دخلت القلب ، ذهلت من كم الكأبة إللى جواه .. حيطان قديمة مدهونة بألون باهتة م الزمن بدأت تتساقط مش بس هى .. لكن كمان الحيطان نفسها بدأت تتأكل .. أرضية متغطية بالمخلفات ورق متقطع وأعقاب سجاير وقزايز فاضية مرمية فى كل مكان ، وبعض الناس إللى بتفوح منهم ريحة وحشة ، وميه .. ميه كتير قوى .. أكبر من بحر .. مغرقة كل حاجة حلوة  . الرحلة كانت طويلة ومتعبة .. رمت نفسها فى أول ركن قابلها ، فردت صندوق قديم كان مرمى قدمها وقعدت ، شوية غلبها التعب فنامت ،هناك شافته .. قال لها كل إللى مطلوب منها ..
.. مش فاهمة !!؟.. إللى طالبه أكبر منى .. نقطة وأعمل كل دا ؟!!.. ليه مابعتش حد أكبر منى ؟!!.. ليه مش بحر ؟!!.. على الأقل يبقى  بحر قصاده بحر ..
لكنه قفل بُقه وسكت، كان مصمم .. هزنى .. قمت من نومى غسلت وشى ولبست هدومى النظيفة واتزوقت وخرجت له ..
كان صعب قوى يقبل الحب كحقيقة موجودة  فى الدنيا لكن حاولت .. البوسة الأولنية -كان ليها طعم خاص جدا-  غيرت حاجات كتير فى دنيته ، بالليل مانمش ،إنما قام غسل مواعينه ، ولم أوراقه المقطعة وأعقاب السجاير من الأرض وحطهم فى صندوق ورماه برا قلبه بعد ما طرد الناس إللى لهم ريحة وحشة ، لكن لما وصل لمشكلة الميه ، زهق وقفل الباب ونام .. زارته فى المنام .. البوسة الثانية .. أى نعم مازهرتش ، لكن ماحدش ينكر إن جواه نبتة صغيرة ظهرت فقام تانى يوم ، حلق دقنه واستحمى واتفق مع اثنين عمال إنهم ينزحوا الميه وفى نهاية اليوم كان بلاط قلبه بان.. فأخد العمال أجرتهم ومشيوا وبالليل مانمش ، لكن فضل سهران ولما دخلت حلمه كان مستعد لها ، وقعدوا للصبح .. لكن وللحقيقة الموضوع مازدش عن بوسه أو اثنين ويمكن ثلاثة وفى النهاية نام .. فدخلت الدنيا حلمه فصحى مفزوع وحس إن فيه حد بيغرق فى قلبه ، فلبس بدلة الغوص ، ودخل من فتحة صغيرة جدا كان بيتسرب منها شلال مية حزن ،وهناك لقاها بتقب وتغطس ، فلف إيده حوالين وسطها وسحبها لحد الشط .. كانت قاطعة النفس ، حط بقه على بقها ونفخ فيها من روحه .. فصحيت ، دبت فيها الحياة .. ضحك – فوق – قوى وافتكر،  فاتمنى يعود للحظة ده.. لحظة "كن " ونفخ الروح .. ورمى نفسه على سريره ونام يحلم . ..  اتحركت .. رفعت راسها ، بصت ، شافت ، استعادت وعيها ، حفظت صورته فى قلبها ورمت راسها على كتفه وراحت فى حلم ، شالها على إيده ،ودور على مكان فى قلبه ممكن ينيّمها فيه ، مالقاش .. قعدها على بلاط قلبه اللى مليان طين ، وسندها على جداره الباهت وخرج .. ماغابش كتير ورجع معاه مرتبة سفنج وشنطة سوده فيها جبس وأسمنت ، حط المرتبة على الأرض وراح على مكان الفتحة فى الجدار ورمى عليها اسمنته وجبسه ولما اطمأن أن المية وقفت ، رجع فرد مرتبته فى حتة ناشفة ونايمها ، وبدأ ينزح ميته من جديد ..
ع الصبح كانت كل حاجة اتغيرت .. هى ، نبتة الحب ، بقت شجرة خضرة لسه صغيرة صحيح لكن ممكن تلمح فيها جذع ناعم جميل وفروع خضرة لسه براعم الزهور بتفتح فيها ، جذر بيتمدد فى طين قلبه يزيده خصب ..  وهو ، قلب نظيف وحلم لسه بيتفتح شجر أخضر ..حتى فوق ، كان بيتكون جوا قلبه – الكبير- نقطة حقد سوده .. حسد .. خلته يفكر أزاى يكون مكانه.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

ماركسية - قصة قصيرة


ماركسية 

حدثتنى -يوما ما- سندريلا عن سرها.. أخبرتنى، أنها تعشق الحكايات، وأنها تملك حكاية خاصة بها لم تفتحها يوما إلا ليلا، وأنها فى حكايتها استحضرت أميرا.. "أخبرتنى أنها منذ طفولتها كانت ترغب فى معرفة ورؤية كيف يتصرف أمير فى عالمه، كيف يخلق  كونه بكن  ويحركه بأوامره".. وأنها عشقته دون أن تشعر، أو دون قصد منها، وأنها الآن تعيش إشكالية سردية تحد من حرية الحكاية وانطلاقها  فهى منقسمة داخليا  بين ثنائية  حب الأمير فى الحكاية  وبين واقع أنها مجرد سندريلا، فتعاطفت معها – أنا هو – وحاولت أن أحل لها إشكاليتها بأن أزرع فى الدنيا نظرية تعمل على زوال الطبقات.

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

عصر الظلم


عصر الظلم

أخبرنى هدهد سليمان القصة كاملة.. قال.. عرت بلقيس  فخذيها، عبرت النهر دون أن تبتل.. لكن سليمان جرفته الشهوة فابتل...
سجن الجن فى القمقم وألقى به فى قاع البحر – يغالب خوفه – آلاف الأعوام لكنه لم يبتل.. لكن سليمان غلبه خوفه – برغم القلاع.. برغم الجنود– فابتل..
أتى إليه الساحر الشرير بالكرسى عابرا جبالا سبعة وأراضين سبعا وبحارا سبعة لكنه لم يبتل.. وهزم الزمن سليمان.. هَرِم.. فابتل.. حتى أنهت القرضة القصة، فانهدم البنيان.. خرج الجن من قمقمه سالما وعادت بلقيس بالعرش سليما.


الجمعة، 30 أغسطس 2013

رايح وجى/ماحدث لى حين ركبت الطبق الطائر


رايح وجى/ماحدث لى حين ركبت الطبق الطائر

فى البدء، أؤكد أن هذه الأحداث والتى أقوم بتسجيل تفاصيلها أحداث حقيقية، وليست قصة من نسج الخيال.. ولايغرنك أن فى العنوان "طبقا طائرا" وما يثيره هذا المسمى من نقاش وجدال حول مصداقية وجوده،  فهذه العقول التى رفضت التصديق بكروية الأرض ونظرية التطور وغيرهما من النظريات العلمية لايمكن أن تتخلى مرة واحدة عن جمودها العقلى  لتقبل بطبقى الطائر، كما أحب أن أنفى عن نفسى شبهة الخلل العقلى حتى لاتساور البعض الظنون، فلست بمجنون رغم أننا فى عالم مجنون… وبعد هذه المقدمة الطويلة والتى لا أرى منها بدا تبدأ حكايتنا…
فى ذلك اليوم –لا أعرف بماذا أصفه– قررت أن أترك كل هذه الدنيا –بمشاكلها- خلفى وأن أذهب إلى المصيف لعل مشاكلى تذوب فى مياه البحر… حين استقر بى الرأى على هذا… ذهبت لطلب إجازة… وبعد أخذ ورد بينى وبين السيد المدير… تكرم سيادته فمنحنى ثلاثة أيام لا غير… ورغم إننى قد اعتبرت ذلك تحكم و"عنجهية" لا داع لها إلا أننى لم أنس أن أشكر سعادته وأدعو له بطول العمر و دوام المنصب أثناء الخروج من الباب.. ها.. ما علينا.. المهم أنى اتجهت من فورى إلى البيت… أعددت حقيبة صغيرة وأخذت طريقى إلى المحطة… وحتى لا أطيل مرة أخرى فبعد أن دخلت العربة الطريق الصحراوى… أخرجت الأجرة للسائق.. أشاح عنى بوجهه طالبا المزيد.. مبينا لى أنه يعانى وعثاء الطريق بينما نحن نذهب إلى المصايف.. أفهمته أننى لست منهم.. وإنها المرة الأولى لى وإنهم ثلاثة أيام لاغير سأنفق خلالها ما جمعته فى عشرين  عاما… أصر على موقفه… زاد الأمر بيننا.. توقف على جانب الطريق آمرا إياى بالنزول.. رغبة منى فى عدم تطور الأمور إلى الأسوأ..  وحتى لا أفسد الرحلة قبل بدايتها.. نزلت منتظرا أى سيارة قادمة… والآن فلتتحد كل الحواس.. ها أنا ذا أقترب من الحدث الرئيسى.. أنا الآن فى وسط الصحراء أو بالتحديد على الطريق الأسفلتى الذى يقع فى وسط الصحراء.. وهج الشمس يشتد.. أبحث عن مكان أحتمى به.. ألجأ إلى صخرة بعيدة وأنتظر.. الوقت يمر متثاقلا.. تزداد حرارة الجو.. أسند رأسى إلى الرمال…"هل غفوت؟!!".. جسم يهبط من السماء له بريق غريب.. يقترب.. باب يفتح.. شئ ما يجذبنى للداخل.. "مقاومتى معدومة".. نور باهر يصدم عينى.. شخص يشير لى.. هيئته غريبة.. ليس له الجسم البشرى.. "أهذا زى أم أنه مغطى بالريش؟ .!"
-  من أنت…؟.. ماذا تريد منى؟..
يوقفنى عن الاسترسال بإشارة
ملاحظة خارج نطاق الحدث: ألاحظ أنى أتحدث لغة غير العربية أو الإنجليزية وأرجو المعذرة فلا أستطيع نفى إن كان يوجد على سطح الأرض من يتحدث بها، فأنا لا أعرف من اللغات إلا العربية وبعض الإنجليزية بحكم الاحتلال الإنجليزى والمسلسلات الأمريكانى لمصر.
أحاول أن أتماسك.. "ماذا لو كان هذا الشيء يريد لى الضرر؟.. هل يصح أن أحاول الفرار منه؟..  كيف يجعلنى أخاطبه بلغة ليست لى؟!.. اعجب ما فى الموضوع أنى لا أحس الخوف رغم غرابة الحدث، والأعجب أنى أشعر بالجوع".. قدم لى قائمة طعام.. "لا أفهم ما فيها".. أشرت إلى إحداها ضغط على الزر..
"أيّة لغة هذه؟!!"
امتدت أمامى مائدة.. أشار لى… بدأت فى التهام الفطيرة، انتظر حتى انتهيت..  قال
-  نحن نعلم من أنت، أحوالك، عاداتك، طباعك، نعلم عن هذا الكوكب وعن سكانه أكثر مما تعلمون، وقد أثار استياءنا ما نراه من تردى أحوالكم وأخلاقكم وتكالبكم وتقاتلكم على المال والسلاح وتخليكم عن القيم الروحية الخالدة قيم العدل والخير، وبعد البحث والدراسة وقع عليك الاختيار لإنذار أهل كوكبكم وإخبارهم أخبارنا وتبيان ما وصلنا إليه من تقدم علمى وتقنى ونشر قيمنا وأخلاقنا السامية.
-  وكيف أعرف مدى تقدمكم وأنا لا أعلم من أنتم؟
-  إنى مكلف من قبل الزعيم برفعك إلى الكوكب الأم ليتم هناك تدريبك وتأهيلك لأداء مهمتك ومشاهدة مدى تقدمنا لتطمئن نفسك وترى كيف تحقق عندنا ما تعتبرونه أنتم خيالا.
-  والإجازة؟!… والمدير؟!…
-  سنعيدك قبل غروب الشمس.
-  ياسلام… رحلة بين الكواكب فى ساعات.
أدار جهازا…
-  بدأت الرحلة… يمكنك مشاهدة الطرق التى سنسلكها من خلال هذا الجهاز
والجهاز ياسادتى… ماهو إلا شاشة.. لكنى أرى الطرق والأشياء عليها مجسمة كأنى على خشبة مسرح…
-  ما هذا…؟!
-  سأجيبك عما يجب أن تعرفه وعليك بالصبر شاهد فقط ولا تنس ما قلته لك نحن نسبقكم فى مجال العلم كثيرا.
الهدوء يخيم..  رغم السرعة التى يبدو أن المركبة تتحرك بها فإن الصور على الشاشة شديدة الوضوح وكأنى أراها من أوضاع ثابتة …
) مجموعة من النجوم تتجمع… يزداد اجتماعها كلما زاد اقترابنا منها… تنبعث منها إشارات ضوئية).. قال
-  عندنا من لا يرتكب خطأ طوال حياته الأولى يقع عليه الاختيار ليتحول إلى نجم يشع ليكون مثالا وقدوة يتمثل بها الباقون.. وهم الآن يرسلون إليك تحية إكبار وإجلال.
-  أنا… لماذا؟!
-  لأنك أول من وصل من كوكبكم إلى هنا على هذه الصورة..
-  هذه الصورة!!!.. هل تعنى أن غيرى قد جاء إلى هنا بأى صورة من الصور؟
صَمَتَ …
" الوحيد الذى وصلت إلى هنا…..!!! لو إننى ذهبت إلى أصدقاء العمل وحكيت ما يدور لقالوا مجنونا عادت إليه أفكاره الجنونية، وجددوا نصيحتهم الدائمة لى.. لا تأكل لحم البقر البريطانى.. فقد نقل إليك مرض الجنون".. ارتطام هادئ… أشار إلى الصورة التى كنت قد سهوت عنها
-  إننا الآن فى المجال الجوى لكوكبنا… انظر.. إن كوكبنا فى أبهى زينته احتفالا بقدومك …
-  سبحان الله… ما أجمل هذا.. ما أروع خلقك يا الله.
-  سنهبط عما قليل على السطح ..
-  يجب ألا تنسوا أن إجازتى ثلاثة  أيام وأن المدير …
قاطعنى بعنف …
-  أنت سوف تغير تاريخ الجنس البشرى وعليك وأنت مقدم على هذه المهمة ألا تشغل عقلك بأية قضية أو موضوع آخر ..
ارتطام آخر هادىء.. "كأننا على بساط من الحرير، حدائق مترامية الأطراف، تناسق لاتجده على كوكبنا الملعون.. أين ذلك من حوارٍ وشوارع مصر المحروسة ؟!!!"
فُتح الباب.. شئ ما يجذبنى للخارج ..
" لولا أنى لم أذق اللحم منذ زمن طويل لقلت إنى قد أصابنى جنون البقر البريطانى"
-  نحن هنا ثلاثة أنواع.. يتشابه أفراد كل نوع تماما.. لا يوجد من ليس له شبيه هنا سوى الزعيم ..
-  لكن ألن أقابل الزعيم؟
-  اتبعنى.. لقد خصص لك وقتا للمقابلة كل ما هو مطلوب منك أن تشاهد فقط وتعرف وسأجيب عن استفساراتك فى حدود المسموح به… مستعد ..
هززت رأسى.. قال بعد أن تقمص دور المرشد السياحى
-  لتعلم أن كوكبنا مثلما يسكنه ثلاثة أنواع أو أجناس ينقسم كذلك إلى ثلاث مناطق.. الأولى المنطقة الخضراء وهى منطقتنا هذه و بها القصور التى يعيش فيها معظم السكان.. والثانية هى المنطقة الحمراء وهى جزء من الكوكب ميز باللون الأحمر يتم فيه عزل الخطاة والخارجين عن النظام لقضاء فترات العقوبة.. والحياة بها ليست دائمة –إلا فيما ندر– إذ إن الفرد بعد قضاء العقوبة يعود إلى المنطقة الخضراء ويُراقب.. فإن حسن عمله عاش كأى مواطن صالح، وإن شاب سلوكه أى شائبة اعيد من جديد إلى المنطقة الحمراء حتى يقوم سلوكه، والمنطقة الثالثة هى المنطقة البيضاء وتقع على أطراف الكوكب ويقطنها الزعيم.. وسنجول بالمنطقتين ثم أصطحبك للقاء الزعيم …
بدأت المركبة فى التحرك.
-  يمكنك أن تتابع الصور على الشاشة التى أمامك …
صورة
(مجموعة –لاتشبهه فى الشكل- تقوم بنشر ألواح من الخشب كتب عليها كلمه العدل)
-   ما هذا؟!
- هؤلاء… مجموعة من الجنس الثانى الذى يسكن كوكبنا وهم المكلفون بنشر العدل بين سكان الكواكب المختلفة.. يُؤتى بهم إلى هنا ليمارسوا العمل اليدوى حتى لايمس الغرور أرواحهم وليكتسبوا خبرة فى نشر العدل …
-  لكن كيف سينشرون العدل؟
-  بالمناشير… ألا ترى؟.. انظر إلى الصورة.. تحقق..
-  أقصد..
-  نفهم قصدك.. هؤلاء ناشرو العدل ….
" الصمت لم يعد لى سواه…. أقول للمدير… ينشرون العدل بالمناشير.. إجازة نحس من أولها ."
انظر أمامك..  صورة ….
( مجموعة تقف بملابس ممزقة تصرخ بصوت جهورى ح ق ى ق ة)
-  ومن هؤلاء؟!
هؤلاء هم طالبو ال ح ق ى ق ة ولتعلم أنه على هذا الكوكب ال ح ق ى ق ة هى المطلب الوحيد… فجميع السلع التموينية والاحتياجات المادية تتوافر وبكثرة ولذلك لا يبذل الناس أى جهد للحصول عليها… لكن ال ح ق ى ق ة يبذل من أجلها الغالى والرخيص… من منا لا يريد الوصول إلى ال ح ق ى ق ة.
-  ولم يجزيؤونها…؟!
-   لتصير أوضح…. خذ أى صورة وحللها إلى عناصرها الأولية ألن تصبح أكثر وضوحا وتصير أسهل على الفهم …
-  وهل الحقيقة غير متوفرة عندكم حتى تطلب بهذا الشكل؟
-  لا.. إن توافر ال ح ق ى ق ة لايقل عن توافر باقى السلع، لكن ألا تعلم أن الشىء كلما طلب زادت قيمته؟.. فنحن نرفع من قيمه ال ح ق ى ق ة بطلبها…
" ليكن… السلع التموينية متوفرة!!.. هذه الجملة كاذبة بلا شك.. لكن كيف لى أن أكذب قوما كل ما يطلبونه من الحياة ال ح ق ى ق ة.. سيدى المدير السلع التموينية متوفرة  فلماذا نرى وجهك ال.... … "
-  أين يذهب عقلك؟!.. أمامك صورة ..
( رجل يسكن فى قصر منيف… أرضه من المرمر وجدرانه مغطاة بالذهب…  يلبس الحرير.. يتحلى باللؤلؤ والمرجان… رائحته المسك والعنبر.. طعامه كل ماتشتهى الأنفس)
-   وهذا؟!
- هذا خادم للزعيم أخلص فى نشر العدل فكوفئ كما ترى جزاء عمله…
" من يجيد النشر –بالمناشير– يكافأ كهذا.. ياسبحان الله… لو أن مديرنا يرى ما أرى لجن واستراح منه الجميع ."
وكما تلتقى صفرة الصحراء بخضرة الوادى فى مصر المحروسة تلتقى المنطقة الحمراء بالمنطقة الخضراء… وبرغم لونها الأحمر فإنها رائعة الجمال، لكن يعيبها الضوضاء.. كما يبدو أن درجة الحرارة بها مرتفعة إذ إنى أحس بالماء يتسرب من كل مسام الجلد من شدة الحر…
-  انظر.. يسارك… الشاشة… صورة.
( قوم يزرعون ويكبر زرعهم فيحصدونه فى نفس اللحظة وكلما حصدوا عاد الزرع فى نفس ساعة الحصاد كما كان من قبل..).
-  هؤلاء قوم قد تقاعسوا عن تنفيذ الأوامر فعوقبوا بأن كتب عليهم العمل بلا راحة …
-  نعم.. نعم.. سيزيف والصخرة.. لكن هذه الحكاية قديمة… ويبدو أن الناس كانت تشعر أن شيئا كهذا يمكن أن يقع فاخترعوا ماكينات تزرع وتحصد وتجمع وتعبئ فى كراتين وتصدر للخارج أيضا دون أى تعب.
صورة ..
(مجموعة من الرجال.. آخر وجاهة ولا بشاوات عصر الانفتاح، فى فم كل منهم سيجار،  أمامهم ما طاب ولذ من أصناف المأكولات والمشروبات.. على الارض مجموعة من الرجال والأطفال عراة تماما… راكعين.. يمدون لهم الأيدي).
- هؤلاء الرجال الجالسون هم سارقو أموال الناس يؤتى بهم إلى هنا.. ويؤتى بضحاياهم على الصورة التى تراها، يقومون باستجدائهم، ليحيوا ضمائرهم فيقتلهم الندم …
-  كيف ذلك؟!
-  تخيل أن شخصا ما قتل شخصا ما،  ثم وضع القاتل والقتيل فى حجرة واحدة… ما تأثير ذلك عليه؟
-  يا مغيث.. رعب.. رعب.. لو يملك القدرة لأعاده من جديد إلى الحياة.
-  وهذا ما هدف إليه الزعيم ..
"  لو قلت لهم فى مصر ضعوا السارق والمسروق فى حجرة واحدة على هذا الشكل وحدثتهم عن تأنيب الضمير.. لوضعت فى حجرة واحدة مع مرضى الأمراض العقلية وحدثونى عن بوظان المخ ."
-  ماذا تقول…؟
-  لا شىء.. كنت فقط أتعجب من حكمة الزعيم.. لكن اسمح لى ما الفائدة التى تعود على من سُرق؟
-  لا تسأل عما لم تجب عنه… شاهد فقط
-  أنتم واختياركم.. "لكن سيُخرب بيتى لو زادت الإجازة عن ثلاثة أيام "
-  الشاشة..
-  نعم.. نعم.. صورة
(قوم بلا عيون ولا شفاه قطعت ألسنتهم يمدوا الأيدى إلى الأمام كأنهم يسبحون فى بحر من الأثير).
- هؤلاء قوم قد جدفوا على الزعيم بالأباطيل، فكان أن عاقبهم بأن أفقدهم عيونهم التى لم تر ال ح ق ى ق ة، وشفاههم التى نطقت بالزور، وألسنتهم التى لاكت سيرته العطرة… ولتعلم أن سيرة الزعيم لا تتداول على هذا الكوكب إلا بكل خير… لكن فى بعض الأحيان.. فى أثناء الأزمات الطارئة كثيرا ما تخرج علينا قلة بكلام يمس ذات الزعيم… لكن الردع يوقف القول ويخرس الألسنة فى الأفواه …
اللون الأحمر يتلاش… انتبهَ وقال
-  إننا نقترب من المنطقة البيضاء …
توقفت المركبة… فُتح الباب.. أمرنى بالنزول
-  ألن تصحبنى…؟
-  ممنوع أن يدخل أحد إلى المنطقة البيضاء.. لم يسمح إلا لك
-  ألا يلقاكم أبدا …؟!
-  وما الداعى إلى اللقاء… الزعيم يسر فى أنفسنا ما يريده، فيُفْعل على الفور….
أسوار عالية جدا… باب يفتح… أدْخُل …
أنا فى داخل المنطقة البيضاء…أستميحكم عذرا.. فها هنا أتوقف عن السرد.. فليس من عقل يستطيع أن يستوعب ما رأيت.. آية من آيات الكون الكبرى، أُمرتُ أن أحتفظ بها لنفسى وأن أقص باقى ما حدث دون حذف أو إضافة، ليكون فيما رأيت آية وعبرة للذين يتكالبون على المال والسلاح …
شئ ما يسير على وجهى… مددت يدى.. فأر صحراوى …
"ياه ما هذا الحر الشديد؟.. هل عدنا من جديد إلى المنطقة الحمراء؟.. أين أنا..؟ تذكرت.. على الطريق الصحراوى… كيف أعادونى بمثل هذه السرعة"؟ هل كنت أحلم؟!… أين الحذاء؟ حتى فى الصحراء.. ماهذه الآثار التى على الأرض؟ تبدو أثار إطارات ضخمة؟… هل كنت أحلم؟!!"
* * *
ماذا على أن أفعل؟.. انقضت الأيام الثلاثة، لم أغادر خلالها المنزل، لم أفتح بابا… الحيره تقتلنى.. عدت اليوم إلى العمل.. قابلنى المدير بتعليقاته القاتلة… قتل الكلمات فى حلقى.. ماذا أقول..؟
هل سيصدق الناس؟.. فى ليلة واحدة..؟!!!
على كل حال ها أنا ذا أفى بما وعدت.. وأكتب كل ما حدث لى بالتفصيل راجيا ممن يقرأ هذا، أن يقرأه بوعى متفتح وعقل مفتوح وألا يجعل من غرابة الموضوع سببا لنفى الحدوث.. فما أغرب الدنيا وأحداثها.. وما أغرب الإنسان وحياته…. اللهم إنى قد بلغت.. اللهم فاشهد …

الجمعة، 2 أغسطس 2013

سندريلة الزمن الأخير



سندريلة الزمن الأخير 

انتبه الأمير الفحل من نومه.. تقلب فى سريره الحريرى، لفت انتباهه أن الجهة الآخرى من السرير فارغة.. سأل نفسه.. "تُراها أين ذهبت؟!".. مد يده يتحسس مكانها.. كان الدفء وبقايا لقاء الأمس تشعل المكان، واصل رحلة البحث بيده.. تحت "المخدة"  وجده.. كان قد تعمد أمس حين تخلصت من القطعة الأخيرة  من ملابسها أن يدسها بيده تحت "المخدة"... أطمأن قلبه بعض الشئ، فلا يمكن أن تكون قد ذهبت دون هذا.. ربما هى الآن فى مكان ما فى القصر، تفتش حجراته، تلهو عبر ممراته، تتريض فى حدائقه.. عاد إلى جسده الكسل الجميل، تسللت إلى أنفه رائحة الأمس.. عطرها الفواح، الماء المتدفق من مجاهل التاريخ يحمل ذكرى "كن" الأولى والكون الأول.. انتعش داخله بأمل تكرار ما حدث ليلا.. الحياة التى نبضت فجأة.. تقلب فانزاح الغطاء عنه.. ظهر عريه.. قطعة لحم بلا ملامح أو تفاصيل.. عاهة كل أمير.. غادر الفراش متكاسلا وهو يهتف باسمها "المجهول".. الصمت يرمى غطاءه على المكان، يقهر ضوء الشمس الواصل إليه عبر نافذة الحجرة، يتسلل كأنه ثعبان يقرص الأمل النابض فى القلب، الرغبة المتدفقة فى العثور عليها.. تأكد مما فى يده.. "لابد من أن تكون هنا..".. "كيف تنصرف دونه؟!".. تحرك مبتعدا عن سريره.. نظر صورته فى المرآة.. لعن فى سره عاهة كل أمير.. فتح باب الحجرة وتحرك خارجها.. لا صوت ينبئ بوجود حياة فى هذا القصر الذى كان ينتشر الموت فى حجراته وممراته وحدائقه حتى مساء الأمس حين طارده صوتها الجميل حتى فى بوحها بلحظات الألم اللذيذ.. كان سيجن.. لم يكن يعلم أن الحياة يمكن أن تتفجر هكذا من خلال الجسد البشرى، أن كل هذه الضوضاء توجد بين العظام واللحم.. "أين ذهبت؟!".. تأكد مما فى يده.. لم يخدعه الحلم.. له ملمس جسدها.. رائحته رائحتها.. فتح باب الحجرة الأخيرة فى القصر.. رمى اليأس عليه ثوبه.. غادرته حتى الرائحة..
 فتح الباب وهتف باسم البواب.. سأله.. متى غادرت؟.. هل تركت له رسالة؟.. هل قالت أنها ستعود ومتى؟.. لم تريحه إجابة البواب.. لم ير.. خارجا أو داخلا منذ جلس، لم يُفتح الباب منذ دخل هو أمس، لم يطرق الباب رائح أو غاد.. الموت مازال يفترش المكان.. تركه وأغلق الباب.. تأمل ما فى يده  من جديد.. الملمس والرائحة.. هى كائن حى، ليس حلم ليل.. ليحسم الأمر  ارتدى ملابسه، وضعه فى جيبه الداخلى.. تأكد مرة أخرى من الملمس والرائحة، سيعيد رحلة الأمس من بدايتها.. سيزور كل مكان وصل إليه أمس، يتشمم كل الروائح لعله يهتدى، سيرفع عن كل من يقابلهن الثياب حتى يتأكد أن هذا ليس لها، وأن هذه ليست هى.. لن يدعها تفر هذه المرة، لن يدع الضوضاء والصرخات المبحوحة تغادره هو أو قصره.. شد الباب خلفه فى عزم، انغلق الباب محدثا صوتا مفزعا.. انتبه.. انتبه الأمير الفحل من نومه.

السبت، 27 يوليو 2013

أبرهة يطارده الغزال


أبرهة يطارده الغزال

الفيل فيله.. البيت بيته.. الصحراء ملك لمن يغزو ومن يعبر.. الشمس فقط لم يكن له عليها الحكم لذلك سلطت عليه أشعتها النارية وهو يعبر هذه الصحراء فى رحلته المقدسة.. لن يقطعها كمن سبقه على حمار ولن يقطعها مثل لاحقه على جمل.. فيله تحته.. يدب الخطو على الأرض فتسمع كل خيول القبائل خطوه.. آه لو تحقق الحلم.. لو صار "القليس" كعبة للعرب لانفتحت أمامه خزائن الأرض.. استقدمت كل قبائلهم أصنامهم.. صار إلهه حامى آلهة الغير.. تبدلت المعادلة... وصار الله إلى جانبه.. الصحراء فسيحة.. والشمس لا تعرف صديقا.. لا تعرف ملكا.. لا تعرف الهدف النبيل من رحلته تلك المقدسة لذلك تُفْرغ هذه  النيران فوق رأسه لا يمنعها عن الوصول ما وضع فوق رأسه من قماش وجلد..  ولا يمنع حرها الهواء الطائر من مراوح العبيد الذين لا يتخلفون خطوة ولا يتقدمون.. شارد هو، مشغول البال ببيته الجميل.. زينه كما لم تزين امرأة.. لونه كما لم تلون وردة، وكساه كما لم تكتس فى يوم كعبة قريش وانتظر مكافأة الدهر.. الحج.. "ولكم منافع فيه".. الأموال المنهمرة.. التجارة.. العبيد والإماء "حور العين" والصبية الصغار "الدر المكنون"..  لكن هذا البيت اللعين المكى يسرق أموالى.. أموال بيتى.. انتبه من سرحته حين أشار جنوده إلى غزال شارد ينظره عن بعد.. يشير له إشارات لم يفهم معناها.. يخرج من بين  صفوف جيشه عددا من الجنود فى اتجاهه.. المطاردة حامية.. هم لا يقتربون أبدا منه.. لكنه أبدا لا يبتعد.. تتسع  دائرة المطاردة.. يندفع المزيد من الجند إلى اللعب /المطاردة.. تتسع الدائرة كلما بلعت مزيدا من الجند.. المشهد المثير الغريب يشد نظر الجميع، يتوقف الجيش عن التقدم.. حتى فيلى يدير وجهه للغزال.. كأنه هو الآخر ينتظر الإذن بالمشاركة فى المطاردة.. لكن الأمر لا يصدر له..  تسرى حالة من الفوضى فى الصفوف ..  تضطرب خطوط الجيش.. تتفكك.. الغزال يسرع إلى الصحراء.. يدور فى دوائر متسعة يتلوى كثعبان.. يطير  كنسر،  لكنه لا يغيب أبدا عن نظرهُ ولا يغيبه عن نظرهِ.. يتعجب.. يقترب منه وزيره، مستشاره فى أدق أموره وأمور مملكته.
-  هل ترى ما يحدث يا مولاى؟.. إن هذا غير طبيعى.. إنها رسالة الإله لك.. تحرسك وتؤيدك فى خطوك.
 .. أبرهة ينتبه لما حدث فى جيشه.. لو كانت هذه الرحلة المقدسة غزوة حقيقية... لنال منه العدو الآن.. وأغلبية الجيش قد خرج فى مطاردة غزال.. يعود أبرهة أبرهة..  يتوقف العسكر عن المطاردة والقنص.. يعود الجيش إلى الانضباط.. تنتظم الصفوف.. فقط أبرهة يشرد فى متابعة الغزال الذى اطمأن الآن إلى انتهاء المطاردة فاقترب من الجيش وسار بخطوه يراقبه..
****
يومه الثانى فى الصحراء.. أحلام الليل كوابيس تطارده.. فيه شاهد سماء سوداء.. طيورا لم ير مثلها من قبل.. تأتى من قبل الشرق .. تسير فوق الجيش ساعات الليل والنهار.. تلقى أمامه حبات ذرة.. تنبت الحبات.. ترتفع على المدى الحقول.. يضيع الجيش وأثره داخل الحقول.. كان وفيله فى قلب المتاهة.. الذرة فى كل مكان.. ألف حقل وألف متر.. ولا طريق.. انتبه حين رأى أن سماءه قد تغير لونها.. المبهج فى الأمر.. أن فيله تحته.. لكنه قلّب وجهه لجهة اليمن.. كلما أداره إلى مكة استدار لكن توقف عن المضى فى الطريق.. فجأة اختفت الذرة وظهر الجيش بلا رؤوس.. حتى فيله اختفت رأسه.. فقط رأسه هو كانت ماتزال على كتفه.. لا يذكر هل كان اليمين أم اليسار.. لكن الطيور تنهشه وتنهش جنوده... جرى.. أسرع وأسرع.. استجار بالآلهة.. ذكّرهم ببيته المزين المبهج الجميل.. "آلهة لا تعرف الجميل ولا ترده"..
يومه الثانى فى الصحراء.. الغزال طوال الليل لم يبتعد رغم عواء الذئاب الذى لم ينقطع.. حين خرج من خيمته فى الصباح أشار له نفس الإشارات.. لم يفهم.. لكنه أصدر أمرا أبرهيا بعدم  التعرض للغزال.. القنص ممنوع، نحن منذ الآن فى رحلة حج لهدم بيت مكة، للتقرب من باقى الآلهة.
 يتحرك الجيش.. خطوطه لا اعوجاج فيها ولا نقص.. الصباح الجميل يطرد كوابيس الليل.. يعود أبرهة أبرهة من جديد.. يمر الجيش برعاة إبل وبعيروأغنام و... يتوقف..  يسأل لمن هذه الأموال.. لأى القبائل.. هو لم يأت للغنائم، هذه رحلة مقدسة.. لذلك لا يلتفت كثيرا لما يمكن أن يكون ملكه الآن.. فغدا سوف يرث الأرض ومن عليها.. الشمس تعاود حركتها الغادرة.. تشعل المكان من حوله.. لو اتسع ملكه يوما إلى المغرب حيث مسكنها.. سوف يحاسب الشمس على أيامه هذه، وفعلتها تلك.. سيجعلها عبرة.. سيحبسها فى مكمنها أياما وأياما دون ماء، دون طعام.. حتى تعترف به سلطان أو ملكا.. ينتبه على اقتراب الغزال.. اختراقه صفوف الجيش.. تقدمه دون وجل.. المرور أمامه دون انحناء.. والإشارات المجهولة بالنسبة له.. ثم الخروج من جديد.. مبتعدا عن صفوف الجيش.. يقترب الوزير.. يشير ويؤكد من جديد .
-  الأمر  معجز يا مولاى.. رسالة الإله واضحة.. دعمه لا يغيب..
 .. أبرهة لا يثق كثيرا فى رسائل الآلهة.. لكنه يؤمن أن الغزال يحمل سرا ما.. رسالة ما حقيقية.. وأن وجوده له هدف.. ربما يكون هذا الوجود مرتبطا بحلم الليل،  تفسيره،  الإشارات.
****
يومه الثالث فى الصحراء .. كالعادة غلبه حلم الليل .. ظهر له ليل مبهج .. فيه اقترب من حلمه .. كانت الكعبة على مرمى نظر .. على بعد حجر .. من هنا كان يمكنه أن يقذفها بالمنجنيق .. لا عائق .. لا جيش .. لا حراسة .. فجأة .. ظهر على البعد سواد قاتم قادم من جهتها .. لم يكن واضحا ما نوعه فى بداية الحلم .. لكنه كلما اقترب – ربما – الحلم من نهايته  .. ظهر نوعه .. إنها حشرات صغيرة .. لا تزيد عن حبات الملح والعدس.. لها لون الليل الحالك السواد.. تتحرك فى سرعة مخيفة.. لتدهن وجه الدنيا.. تدمر الأخضر واليابس فى طريقها.. كانت تمر على الجند فلا يبقى إلا العظام.. رعب الدنيا تملكه.. أسرع مبتعدا.. كان فيله يسبقه.. رغم أنه فوقه.. لكن ملح الأرض.. حشراته أحاطت بفيله ابتلعته.. حتى العظام لم تتركها.. فقط ظل أبرهة واقفا ينتظر المصير، يحيطه السواد الحالك.. فجأة تغير المشهد ظهر وزيره إلى جانبه.. وجهه الذى يعرفه.. فغادره المنام...
اخبره وزيره أن هناك من يريد لقاءه.. إنه قائد مكة وزعيمها.. لم يهتم.. سأله عن الغزال هل مازال يتبع الجيش؟..
- نعم.
تعجب من أمر هذا الإله الذى يرسل الإشارات عبر الغزلان.. تحرك فى خيمته.. ربما معها تفسير حلمه.. ارتدى ملابسه مسرعا.. غادر الخيمة.. نبهه وزيره إلى زعيم مكة المنتظر.. لم يلتفت له.. سار على قدميه متخذا من الغزال قبلته.. تبعه حرسه الخاص.. أشار لهم فتوقفوا.. واصل المسير.. مبتعدا عن الجيش.. حافظ الغزال من جهته على المسافة الفاصلة بينهما.. تعب من المسير.. فتوقف.. عندها أشار الغزال  من جديد.. لم يفهم.. لكنه الآن على يقين من أنه يحمل خبرا ما له.. وأن هناك رسالة يجب أن يتلقاها.. وعليه الصبر، فتابع المسير.. الشمس الآن فوقه بالضبط.. تكاد تلمس شعره.. تحط  على رأسه كطائر العقاب.. "أين العبيد؟!"..  لا يظهر له جيش.. ولم يعد يلمح الفيل..   هل ابتعد لهذه الدرجة.. ماذا عليه أن يفعل الآن؟.. هل يواصل تتبع خطا الغزال أم يعود ويرتد لرحلته المقدسة.. على أية حال هو الآن بحاجة فقط إلى قليل من الراحة قبل أن يحدد ماذا سيفعل.. على الجانب المظلل لتل  من الرمال قليل الارتفاع ألقى بنفسه واختبأ من عيون الشمس وسهامها..
وجه وزيره نخذه كالعادة.. زعيم مكة مازال فى الانتظار.. خرج له.. "على وجهه سيماء تقربه إلى القلب.. تحببه إلى النفس".. مد له بساطه.. أجلسه إلى جانبه.. لم يفعلها مع من قابله قبله من زعماء القبائل "ربما يسترضى هذا إله هذا البيت فيقبل أن ينتقل إلى بيتى.. حيث البناء أعلى وأضخم وأجمل وأبهى وأرقى وأعظم وأفخم  -يمكننى أن أعد حتى تسع وتسعين من الصفات-  مما يسكنه الآن".. تباسط معه فى الحديث.. ثم دعاه إلى مائدته وقرب له طعامه ليذوق ما يمكن أن يناله ربه لو شاء وانحاز له.. لم يمد عبد المطلب اليد فى الطعام.. سأله..
- ما الأمر؟! .
قال..  جئت لك فى طلب..
رفع أبرهة يده عن الطعام ونظر فى اتجاه الغزال.. كان يدور فى المكان.. يرسم دائرة تكمل  دائرة.. ربما مثلث يقطع مثلثا.. بل ربما خط مستقيم يقطع خطا مستقيما.. لم يفهم.. "لو ينطق" لكنه كان يلح فى الإشارة لعله يفهم.. عاد بنظره إلى زعيم مكة..
- ما الأمر؟.
- جئت أحدثك عن أغنامى وإبلى و..
- وبيت ربك؟!!!.
- أنا رب لهذه الأغنام والإبل.. أما البيت فله رب سيحميه.
- ألن تقاتل؟!!.. ألن تدافع عنه؟!!.. فلما يظل فى أرضك؟!!..
- أنا رب لهذه الأغنام والإبل.
تعجب أبرهة.. لم يعد بنظره إليه من جديد، فقد خف وزنه فى الميزان.. بل رماه فى اتجاه الغزال الذى كان يلح على رسم الأشكال.. دائرة تكمل دائرة.. ربما مثلث يقطع مثلثا.. بل ربما خط مستقيم يقطع خطا مستقيما..
رد عليه غنمه وإبله.. ووهبه الزمن الكافى كي يفر هو وأتباعه عن مكان سيغشاه بجيشه ويدمره عما قريب ..
انصرف عبد المطلب .. عاد إلى متابعة الغزال ..
رسمه على الأرض يتواصل.. هب من رقدته خلف التل أسرع إلى حيث تَوَاصل رسمه.. كان هناك بناء غير مكتمل تنقصه لبنة.. وكانت هناك دائرة تكمل دوائر.. وكان هناك مثلث يقطع مثلثا.. وكان هناك خط مستقيم يقطع خطا مستقيما.. وكان هناك كتاب بالغ القدم، كأنه كتب قبل الخليقة أو هو الخليقة.. فتح صفحاته.. فإذا به..
 "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ،  أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ".
.. فرفع نظره إليه والسؤال فى رأسه.. ألم تر؟!!!!!!.

الأربعاء، 24 يوليو 2013

خواطر قيسية


خواطر قيسية 3

أنا قيس، فهل تستطيعين أن تواجهي القبيلة يا ليلى باسمك.
 ***
"لعلى أجد على النار هدى".. فلماذا تشعلين فى قلبى نارا للشك.
***
لماذا كلما دعوتك فى حلمى إلى خيمتى استعذتِ منى بشيطان الحلال.
***
ملعون بن ورد مثل إبليس، أغوى آدم بالشجرة، لكنه أكل ليلى قبلى.
***
حبيبتى تخوننى حتى فى حلمى.
***
حلمى صار كابوسا، صورة مكررة لابن ورد يقطف وردة، فيخرج دمى ويسيل وأجن.
***
لم يخلق الله لى أعداء قبل بن ورد.
***
عرى سرى، كشف عن جواهره المكنونة، استدفأ بنار جوانحه المشتعلة، ثم قام ليغتسل ويتطهر.. ملعون بن ورد.
***
لم أفارقك لحظة فى حلمى، ولم يفارقك بن ورد لحظة فى الحقيقة..  فمن الرابح؟ ولمن الجنون؟
***
أنا العاشق وأنت المعشوق، فكيف لا نستطيع "التعشق".
***
رمل الصحراء تشرب دمعى، أما دمى الذى أرقتيه فى خيمة بن ورد فمازال يرفضه رملك.
***
خرجت من حلمى على حقيقة واحدة، هى بن ورد.



 
خواطر قيسية 2

القت بى  الأيام بين يديها.. ملعونة هى الأيام، لم تصن لى سرا.
***
لم تكن تلك خدعتها الأولى، فقد زرعت من قبل فى خضرة قلبى حبات رملها وسقته ملح عيونى.
***
عين حبيبتى تهوى الدموع، لكن من قلبى.
***
خرجت اليوم من حزنى على ضحكاتها، حين انكسرت نفسى أمامها، وانكشفت.
***
قلبى الممزق بين يديك، مجرد ورقة فى نتيجتك.
***
تعجب البائع من إصرارها على البيع، رغم جودة البضاعة وبخس الثمن.
***
من غشنا فليس منا، فكيف تدعين دائما أنك القلب.



خواطر قيسية

 الظلام حالك، فهل تدركينى بنور عينيك حتى أهتدى بهما، أم تتركينى -كعادتك دائما- أضل الطريق.
* * *
خرج من رحم الحقيقة الآن فقط فكيف كان سبوعا بلون الدم وطعمه.
* * *
فلنؤجل الحديث الآن فهى - المتسترة بظلام الليل - تستعد للذبح.
* * *
فقط عندما رفع المؤذن صوت الآذان انكشف وجه الخيانة النائم بجانبه وانكسر الحلم والحالم.
* * *
دفعها بيده وهى نائمة بجانبه، فقط ليتأكد أنه الآن وحيدا.
* * *
هيا إلى البئر لعله يستطيع أن يغسل وزرك أو نغرق فيه براءتى.
 * *  *
عندما خرج من خيمته هذا الصباح، انذهل الكون فالخنجر المرشوق بظهره يقطر دما.
* * *
لا شئ للأبد - كاذبة - الكل إلى فساد.

الخميس، 11 يوليو 2013

فانوس


فانوس

لرمضان القديم حملنى.. حيث الليل غير هذا الليل، والنجوم والقمر غير هذه الوجوه، وحيث الشموع، وحيث الأب والأم والأخوة منفردون ومجتمعون حول طبلية تكفى بالكاد الجالسين، لكننا فى النهاية كنَّ  نكمل الدائرة وننتقل من محيط إلى محيط.. هل كان ينظر باتجاهى؟!!! أم أنى أنا الذى اخترت النظر إليه؟!.. لكنه تحرك فى اتجاهى حين اقتربت منه، عرض علىَّ نفْسه..  فلم أتمالك وسط جيشان الذكريات سوى أن أقبله وأمسح عليه،  فتتفتح خفايا الرؤيا مارداً...  تنشق السماء ويحضر الأب والأم الغائبان، ويحضر الأخوة الذين تخطفتهم الأيام، وأعود أنا إلى تاريخ لم يترك لى سوى آثار أقدام وبقع سوداء تشبه تلك التى تركتها الأيام على سجادتى الحزينة.

الأربعاء، 19 يونيو 2013

رغبة متأخرة


رغبة متأخرة 

تزوجها زواج صالونات؛ لذلك لم يعرف احدهما حقيقة الآخر..
 قال لها :أريد أن أراك من نافذتك... احكِ.
فتمنعت وتهربت وتجملت.. فلم ير بدا من تعلم تسلق المواسير.

الاثنين، 3 يونيو 2013

قصة حب


قصة حب – قصة قصيرة جدا

منذ أدمنّا الكره.. نلتقى كل صباح، عجوزان أُغلقت عليهما الدنيا، فأصب لك فى كأسك وتصبى لى فى كأسى حتى نرتوى، فأغادرك وتغادرينى، ينفرد كل منا بذاته، يجتر ما اختزنه داخله من كؤوس أيامه ويبكى الوحدة.


الأحد، 26 مايو 2013

موسى


موسى

تعاهدا؛ فبدأ رحلة صعود الجبل/الاكتناز..  كانت شروط الأهل قاسية.. تحمل مشاق السفر والغربة وسوء المعاملة... حتى أتم أيام غربته وزادها عشرة..
ذهب إلى بيتها وطرق الباب.. فتح له "عجل من ذهب".. تعجب، وأشار.. فأظهرت له الحقيقة.. إنها لم تكن لتطيق صبرا.

السبت، 18 مايو 2013

حَدَثْ (رجل وكلب )



حَدَثْ (رجل وكلب )

كان الرجل الذى هدته العجلة وهدها يسير فى شارع مظلم،  عندما خرج له من بيت كان قد هدمه الزمن كلب أسود مثل ذلك الليل الذى يحيط بالحدث يطارده.. لم يتوقف الرجل ولم يتوقف الكلب.. كلاهما استمر فى طريقه.. الرجل الذى هدته العجلة وهدها يهرب وكلب الليل يطارده.. لم يسبق لى أن رأيت مثل هذا المشهد على شاشة السينما لكنى أعرف أن نهاية المطاردة دائما ما تكون لصالح كلبنا الأسود.. مثل الليل الذى يحيط بالحدث

الاثنين، 6 مايو 2013

قاتلة


قاتلة

قاتلة... هكذا كان يسميها المستوطنون
قاتلة... وهكذا كان يسميها العابرون والزائرون
قاتلة... هكذا هى فى الحقيقة....
تمر بالشعر تجعله ينساب فى راحة أبدية.. يصل إلى مفرق متصل.. ينقطع به الوصل عندها فيهتز طربا وتخرج منه منتصرة...
قاتلة... حين تلمح مستوطنا أو عابرا أو زائرا مختفيا بين الأعواد المنتصبة تحتويه بين أسنانها الضيقة.... تدور به فى مفترق الطرق، حتى يسقط مرهقا على الملاءة البيضاء، عندها تتحول عن انسيابها فى خصلات الشعر إلى مقصلة، حيث كبير أصابع اليد الخمسة يتحول فى غمضة عين إلى منفذ للإعدام السريع.

الخميس، 2 مايو 2013

دولاب


دولاب

كان يرى كل ما يجرى أمامه من خلال مرآته، وحين ادارته ليواجه السرير رأى ما كان يجب ألا يراه..  من يومها صار يدق قلبه كلما مرت من أمامه..  كلما فتحت ضلفته وخلعت ذلك الثوب الكريه..
قال لها النجار: لم يعد يصلح لأن يكون دولابا فقد رأى..غيّريه أو حطّمى مرآته..
وكان ملقى الآن هو على رصيف عتيق يدق قلبه للخطى العابرة.

الأربعاء، 24 أبريل 2013

صديقى وحديث النمل


صديقي وحديث النمل

يوما ما حدثني صديقي عن النمل..
قال: إن النمل هو أعجب ما خلق الله وأجمل ما خلق الله..
قلت له: كيف تقول ذلك وقد خلق الله الأنثى...
قال: أتعرف أن النمل من أقدم الكائنات على الأرض وأنه قد عاصر الديناصورات، ولم يندثر مثل غيره من الكائنات التى لم تتحمل ثقل الزمن... انظر إليه فى حركته وتعاونه.. سوف أحكى لك قصة....  كانت لى صديقة منذ زمن طويل وكنت أنا وهى فى علاقة حميمة، وقد غابت كثيرا، لكنها فجأة حدثتنى، وقد ذكرتنى مكالمتها بأيامنا الماضية، فأردت أن أعود بها إليها.. فطلبت منها قبلة كمقدمة للقاء، فرفضت... أتصدق...
أن النملة الواحدة تستطيع أن تحمل أضعاف وزنها وتسير بهذا الثقل مسافة قد لا يتخيلها عقلك... أحكى لك... يقال إن صديقتى هذه فى زمن الفراق الأول.. تعرفت على صديق لها –صار زوجا فيما بعد–   عاشت معه  –كما تدعى هى– أجمل أيام حياتها... أتذكر.. أنى كنت دائما ما أسمعها –قبل أن نفترق– تردد على مسامعى هذه الكلمات... "الآن أعيش أجمل لحظات حياتى".... أتصدق..
أن النمل يستطيع أن يقاتل أنواعا من الحشرات أضخم منه عشرات المرات ويهزمها دفاعا عن عشه... سأحكى لك... فى زمن فراقنا الأول، فى أيام فراقنا الأولى.. لمحتها مرة فى مكان كنا نرتاده أنا وهى.. كانت فى نفس الموضع تقريبا لكن كان معها هو -صار زوجا فيما بعد-.. لا أظن –على الأقل فى داخلى– أنهم كانوا يفعلون ما كنت أفعله أنا وهى فى نفس المكان.. لم أحاول أن أقترب، لم أحاول أن أظهر أمامهما.. فقط جلست مكانى صامتا حتى انتهى وحتى انتهت وانصرفا.. عندها ذهبت إلى هناك أفتش فى بقايا المكان عن رائحتها... هل تعرف..
أن النمل يتحدث بلغة هى أقرب إلى الرائحة.. فالنمل يترك رائحته فى المكان رسالة إلى القادم من بعده.. حتى الملكة تتزاوج بالرائحة، فهى تنشر رائحتها حتى يستدل عليها الذكر فيقوم بعمله.....
هل شممت يوما رائحة النمل؟..
هل تَفهّمْت أو حاولت أن تفهم رسائله؟..
سأحكى... يومها جلست، لم تكن فى داخلى مشاعر أو أحاسيس.. فقط فراغ.. تسربت إليه الرائحة.. أسرتنى  فى مكانى فظللت أسيرها ما بقى من عمرى... هل تعرف.. أن النمل يأسر بعضه بعضا وأن بعض الكائنات تعيش فى مستعمرات النمل أسيرة لكنها لا تقتله ولا يقتلها.. فقط يستنذفها أو قد تستنذفه..... ألم تسمع أنى يوم زفافها –عليه– ذهبت إلى بيتها.. وقفت على العتبات أستمع إلى الأصوات المنبعثة من داخلها وللحاضرين..  تبعتها حتى منزل الزوجية، لم أدخله.. فقط وقفت أسفل البيت.. انصرف الجميع وبقيت أنا.. لعلى كنت أقتفى أثر الرائحة، كنت أتابع رحلة البحث عن المصدر لعلى أهتدى...
تسألنى هل صحيح تموت النملة حين تقرص؟...
نعم... فالنملة لا تقرص إلا حين تحس أنها قد حوصرت تماما.. انكشفت أمام من تتصور أنهم أعداؤها ولم يعد لها أملا فى النجاة.. عندها تضع آخر نقطة سم عبر شفاهها فى جسد الضحية لعلها تنجو، لكن قرصتها تعنى موتها..
 يومها.. أطفأتْ أنوارها وأنوارى.. ظللت واقفا -أرقب النافذة- إلى أن أذن المؤذن.. عندها سألت نفسى.. "هل أذهب لألبى النداء أم أتبع شارة القبيلة.. أنتظر الرائحة؟"... أصدقك القول.. كان هذا يدور فى عقلى لكنه ما كان يستطيع أن يحرك قدمى قيد أنملة –كأن سمها قد شلنى– فأنا كنت أنتظر شيئا آخر غير كل ما قلته....
نسيت أن أقول لك.. إن النمل مجتمع من الإناث.. ملكة.. شغالات.. جنود... لا يدخله الذكر إلا ليقتل.

الأحد، 21 أبريل 2013

لا أنسى


لا أنسى

رجعت يوما إلى حجرة نومى مبكرا، فوجدت حلما كان قد نسيه –هو – على مخدتى، كان مغلفا فلم استطع قراءته، لكننى شممت  فيه رائحة الورد فعرفت أنها كانت بداخله عارية ..
يومها تركت السرير، لم ألمسه..
ومن يومها لم أضع رأسى على وسادة.

الجمعة، 12 أبريل 2013

عجوز


عجوز

كانت تكنس أمام بيتها كل يوم، عندما تكنس أنغام صوت المؤذن الحزينة بقايا الليل.. ترش الأرض بالماء، وتجلس على عتبة بابها تنتظر، ذلك الذى خرج ذات صباح حزين من بيتها وعاد مع نهاية المساء جثة فى نعش.. تعرف أن روحه الهائمة والتى لم تكن تطيق فراقها سوف تحن من جديد إلى الرجوع.. 

مع الآذان.. كانت تكنس وتنتظر.

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الحانوتى والحساب


الحانوتي والحساب

فاكرين لما زمان قلت لكم إن النقاش* دا أهم واحد في الدنيا، في الحقيقة أنا فعلا كنت فاكر كدا، لكن إللي بان لي بعد العمر الطويل دا، إن النقاش مش أهم واحد في الدنيا، هتسألوا طبعا أُمّال مين؟..  هأقول لكم وهتستغربوا.. الحانوتي.. الحانوتي هو أهم واحد في الدنيا ده.. ليه؟.. لأنه هو الوحيد إللي فعلا بيقدر ينقل البني آدم من دنيته الفانية لجنته أو ناره.. حياة دايمة.. علشان كدا ربنا ساب البني آدم يتعلم كل حاجة بنفسه إلا الدفن، لما بعت لي "الغراب"  صديقي العزيز يعلمني الحفر والردم ويمكن يكون رش ميّه -علشان يخضر دنيتي- بس أنا ساعتها ماخدتش في بالي..
دلوقتي نبتدي حكايتنا.. 
من زمان.. زمان قوي.. عايش حانوتي.. محله صغير يميزه عن باقي محلات الشارع بيبانه السودا ويافطة كاتب عليها "نوصلكم… نريحكم… نحاسبكم".. الناس كانت دايما لما تعدي من قدام  دكانه..  طبعا بتتشائم دا العادي، لكن كمان كانت بتستغرب قوي من حكاية "نريحكم، ونحاسبكم" لأنهم كانوا فاهمين المقصود ب "نوصلكم" أو همَّ فاهمين كدا.
في يوم وهو قاعد ساعة مغربية  على باب دكانه جاله راجل عجوز
- سلام عليكم
- عليكم السلام
- عايز أدفن
- مين مات؟
- أمي
- أمتى؟
- من زمان.. بس النهاردا جت لي في المنام، وطلبت إنها تندفن.
ماحتارش ولا استغرب.. هو عارف من كتر ما شال وحط إن مش كل الناس إللي بتموت بتندفن يوم موتها، زى ما كثير من الناس إللي فاكرين نفسهم عايشين همَّ في الحقيقة ميتين ومدفونين كمان.
- وماله.. إحنا مالناش إلا راحتك وراحة الميت… احك لي قصتك
- أبدأ منين؟.
- ابعد عن يوم ميلادك واحك من أى حتة.. المهم أبدأ.
- ما أقدرش أقول إن هى ده لحظة بداية الحكاية، لكن أول كلمة أفتكرها لأمي.. لما كان يطول بىّ السهر.. دايما كانت تضحك في وشي وتقوللي..
: يا ابني روح نام علشان النهار يطلع، طول ما أنت سهران مش هيجي نهار، مش هيتفتح باب للرزق، هيموت حلمك مخنوق م الضلمة.
ماكنتش فاهم، وكنت دايما أسألها.. فتحكي حكاية من حكايات واحدة اسمها شهرزاد بالنسبة لها كان النهار نجاة لإنه مكان نوم شهريار..
مرة رمت علىّ سؤال.. يومها كانت لسه راجعة من دفنة أبويا.. ماليها الحزن ومغطيها تراب القبر وملونها السواد..
: تفتكر ليه الدنيا من بين كل الأشكال إللي اطرحت قدامها - من أول ما بدأ الكون – اختارت نص أبيض ونص أسود؟.. وليه اختارت اللغة لنفسها تنقسم نصين … إما الفرح وإما حزن؟!.
مش فاهمك يا أمّى…
- أنت فاهم؟
الحانوتي يهز الراس…
-  احك قصتك..
أيامها.. كنت بحب الليل أكثر من النهار، يمكن لأن صوت الباجور فيه  بقى أوضح من أى صوت، هتسألني وإيه جاب الباجور؟… لازم هى.. أنا صحيت في يوم لقيته فوق رأسي.. "بيرغي".. حكاياته إللي بدأها معاها.. الدوشة إللي كانت دايما تنقطع لما ميّتها تفور، فيطفى…
كنت باحبه، رغم إن الطبيعة بتقوللي إنها بتاعتي أنا بس، وإنها مش ممكن تقبل القسمة على اثنين….
ويمكن لأن سما الليل الصافية  كانت بتسمح للنجوم توصل لشباكي وتقف قصادي تشاور وتناغش وتلاعب لحد ما في يوم اتعلقت بواحدة منهم  (قوي).. ساعتها قالت لي..
: يا ابني إللي بيتعلق بالنجوم يبقى بيحلم، بيبقى متعلق في حبال دايبة.. إن ماكنتش خايف على قلبك خاف على راسك.
واختفت النجوم، وفضيت السما… وخسرت قلبي..
- وبعدين.
كبرتُ، وكبرتْ… بعدتُ، فبعدتْ… مشي الباجور وسابها لوحدها… زرتها مرة..  أفتكر مرتين..   يمكن ثلاثة.. في كل مرة كانت بتبقى قريبة قوي وكنت بأبقى  بعيد جدا… عايز تسأل عن الباجور… سمعت مرة إنه هب فيها، ومرة مالقتش ثمن الجاز علشان تولعه، ومرة لمحته ولمحت جاره بتطبطب عليه.. ومرة، ومرة… سمعت، لكن لحظة الفراق ماعشتهاش ولا حتى لون، لكن كانت مرسومة على وشها خطوط..
طلبتني في مرضها الأخير.. أقول لك الحق ماكنتش فاضى.. أنت عارف مشاغل الدنيا والبيوت.. لكن لما ألحت رحت.. كانت اتغيرت خالص.. شفت ضحكتها ميتة جنبها على السرير، وشها مكرمش كأن الأيام كانت بتعجن فيها، بياض عينيها كان على وشك إنه يقهر السواد فيسود الظلام… حاولت تشد الوش، تلمع الصوت، تدخل نور عينيها في عيني.. حضنتني  ومسحت دمعة، يمكن دمعتين.
"ليه اللغة حصرت نفسها في الفرح أو الحزن، وليه القسمة بين الأبيض والأسود؟"
كنت بحبها قوي بس لازم أمشي… كنت مشتاق – قوي – لأيام زمان، لكن زمني كان بيطاردني… كان نفسي – قوي – أبكي في حضنها وأسمع ضحكتها، لكن دموعي ضاعت مني وضحكتها ماحضرْتش حتى دفنتها… قلت لها هاجي تاني.. وخرجت ونسيت..
"ليه القسمة بين…. وليه اللغة….؟"
أقول لك الحق.. مرة سألت نفسي إحنا ليه كدا.. هو الفراق قدر ولا إحنا إللي بنختاره، لكن لما خبط السؤال بابي، كان الصبح عايز يطلع والليل زهق مني فشدني للنوم.. للحلم.. وفي الحلم جت و سألتني…  وحكت حكاية لشهرزاد…
أنا حزين لأني ماقدرتش أجمع حكاياتها في كتابي، تعتقد هيجي إللي يقدر يجمع الحكايات؟
-
- كنت متجوز.. مراتي ماتت من زمن أطول من زمن موت أمي..
-
- أنا عمري ما دفنت حد، حتى قصة الحب إللي عشتها وضاع بسببها قلبي، لسه شايلها جواه مادفنتهاش.. يمكن في يوم تاني أقدر أعدي عليك علشان ندفنها هى كمان.
-
- أيوه.. عندي ابن وحيد.. متجوز وعنده بنت فيها شبه كبير من أمي.. مدة طويلة مشفتهاش.. من ساعة ما كانت لسه طفلة بتدور على مستقبلها في الأرض وهى بتحبي..
-
- بيزورني.. ما أقدرش أقول لا.. لكن من كام سنة.. قبل الخطوط ده ما تترسم على وشى، والشعر دا ما يبيض، وتقع منى اسناني والسنين.. ماجاش…
خايف اضطر أبعت له بعد ما تموت ضحكتي إللي  بدأت تخرج من عندي وتتوه، فأدور كثير لحد ما ألقاها نايمة  فى شارع أو مرمية في صفيحة زبالة.. نفسى أتأكد إنه هيقدر يرفع خشبتي ويشارك في دفني، ويرش المية على تربتي (يمكن تخضر دنيتي)  ويقرا علىّ الفاتحة.. نفسي.
هز راسه وسابني.. قام فتح درجه.. خرج منه خشبة وحتة قماش بيضا قد الكف.. قعد قدامي.. طبطب علىّ وقاللي..
- شوف أنا ما أقدرش أضحك عليك.. الدنيا كاس داير، إللي تصبه فيه هو إللي هتشربه.. كمان مافيش إجابات جاهزة علشان تريح نفسك أو أريحك.. الدنيا مش كدا، لازم تلاقي إجاباتك لنفسك، هو دا الحساب إللي لازم تدفعه… لكن أنا أقدر أقول لك إن هى عملت إللي عليها، وإن أنت مطلوب منك إنك تعمل إللي عليك.. خد.. روح اعمل زى ما عمل أخوك.. احفر وحطها فى تربتها واردم ما تسبش لحكايتها في الدنيا أثر، يمكن دا يخليها تبطل تطلع في حلمك، وألحق إللي بيضيع ماتستناش لما الدنيا تكمل كرمشة وشك وتموت ضحكتك.. ابنك لسه مابقاش بعيد، مابقاش حلم..
وضحك.. ضحكة صافية، كأنها بحر بيغسل ويطهر..
 قام العجوز.. مسح على وشه بإيده، نشف دمعته.. بانت له سما صافية.. شاف على البعد غراب طاير.. استعجب وبص للحانوتي.. وسأله..
- لما هو لسه بيعلم.. بيحفر ويدفن ويردم ويمكن يكون بيرش مية.. أمّال أنت بتعمل إيه؟.. ليه ربنا بعتك؟..
فشاور الحانوتي ليافطته.. وقفل اليوم.
عارفين.. الحكاية ده مش زى كل الحكايات إللي كتبتها قبل كدا، مش أغرب، لكن مختلفة.. يمكن لإنها حكاية الحانوتي آخر واحد بنشوفه قبل ما يتقفل علينا القبر ويمكن لإن كتير مننا بيقضى كتير قوي من عمره ويمكن يموت كمان من غير ما يفهم أو يوصل إلى حقيقة  إن الدنيا كاس داير وإن حسابك من كاسك.. وراحتك في إيدك.. أنت فاهمني..؟؟!!

* ترجع اهمية النقاش إلى أنه يستطيع تغيير شكل الدنيا عن طريق اعادة دهانها بألوان فاتحة .. يمكن العودة إلى المدونة لقراءة حكاية النقاش واللون .

الخميس، 4 أبريل 2013

تصادم


تصادم 

انهار البنيان فجأة، خرج من داخله مقتولا بالتعجب - فقد صرف عمره فى رفعه حتى كاد يلمس به حد السماء- عندما فجأهُ -ابنه- برسالة تطالبه بالإرث.

الاثنين، 1 أبريل 2013

خيال مآته


خيال مآته *

نبتة الأرض أحبته، والطائر العاشق كرهه...
كانت تفترش تحته وتنام.. فكان يقترب حتى يحط عليه ويقف متأملا.. أمِلا.. لكن الريح التى تهز وجدان كل شئ كانت تحركه.. حركة للأمام، حركة للخلف، فيلعنه الطائر العاشق فى سره ويطير مبتعدا خوفا من سقوط فى شرك.
 
*خيال المأتة : عروسة فى الغالب تصنع من القش توضع فى الحقل لمنع الطيور من التغذى على الحبوب والنباتات الصغيرة.

الثلاثاء، 26 مارس 2013

حديث عبده الصامت



حديث عبده الصامت

للصمت دلالات.. وأنا منذ اُمرت بالصمت لم اُعط سوى إيماءات لم تُهد.. سُألتُ آلاف الأسئلة.. ملأتْ مئات الأوراق وكانت إجابتى الصمت.. آلاف الأسئلة بلا حل واليوم أقول لكم.. اُمرتُ أن أصمت فصمت واُمرتُ بالحديث فها أنا ذا أقول..
لست زكريا.. لم تكن آيتى الصوم عن الكلم.. لم اُهب الابن النبى.. ولم أر مريم قط.. لم أكفلها، لكننى حلمت بها يمامة بيضاء مثل نهار لم تحرقه الشمس، ولم يحجبه الغيم على طرف وسادتى حطت..  قالت هبنى الكلمة.. لم أفهم.. كررتها ثلاث.. ثم انطلقت.. لم أفهم.. لكننى كنت أُحس كأنى قد فقدت شيئا عزيزا إلى قلبى فبكيت.. بكيت نهرا من الكلمات.. لم أر نهاياته.. غصت فى قاعه حتى جاءنى الحوت ابتلعنى.. ألف عام فى بطن الحوت.. أُسبح وأدعو.. الحجر، الشجر، الأرض، النهر، الإنسان، كل مفردات الطبيعة دعوت.. وأبكى.. ألف عام لم يُستجب فصمت، وما كنت يونس ليغفر لى والقى على الشاطئ من جديد، لكنى فى بطن الحوت صنعت جزيرتى\أرضى.. زرعت خضرتى.. خلقت الابن  شجرا يطاول حد السماء.. وعشت ألف عام لم أنطق قط.. حتى يأس الحوت فلفظنى.. الآن أنا بلا حوت أفتقد عالمى الداخلى.. أرضى\خضرتى.. ابنى من يمامتى البيضاء.. كانت تلح أن أنطق باسمها وأناجيها وكنت أعبدها سرا.. ولم أبح.. ولم أنطق.. اتجهت إلى الله، جعلته لى إماما.. للصمت دلالات.. ركعتُ حتى أتت الشمس من المغرب.. سجدتُ حتى تشققت القبور أخرجت ما فى جوفها.. لم أُسأل فانا الصموت.. من اُمر بالصمت فما باح.. تسكعتُ فى أرض الله آلاف الأعوام أنظر وأسجل..
 الأخ يأكل لحم أخيه، يرديه ويبكى على قبره، المظلوم – بأمر القاضى الحافظ لكلام الله- مربوط فى سلسلة الظالم وعليه الطاعة حتى يحظى بعطف الله وتحنانه، ويموت العدل، والسلطان يضع فى كفة ميزانه الراجحة السيف.. أحصيت عدد القتلى والقتلة.. عدد الخونة والعملاء.. عدد من باع ومن كان على يقين أنه سيباع.. جننت.. رعبا مت..  هربت إلى هيكلى.. مزقتُ كراساتى، ولفظتُ إحصاءاتى، واختبأت.. آلاف الأعوام.. مسجون فى هيكلى.. نسينى الناس ونسيتهم، أمِنتُ على نفسى.. لولا الأرضة... أخرجتنى من عزلتى حين أنهت - فى يوم عمل شاق - قرض الهيكل..  فإذا بى وسط العالم والسيف على رأسى سلط كى أنطق.. أفزعهم صمتى حتى كَشَفَ قناع الوجه القرد وأخفى قناع الوجه الإنسان عن وجوههم المشبوحة عادت للذاكرة الإحصاءات.. اُمرت أن أنطق.. بالحق أقول.."الصمت فرقان".

الثلاثاء، 19 مارس 2013

الحمامة


الحمامة 

فى طيرانها، مرت  فوق عشها القديم.. راودها حلم سبق أن عاشته، هو هناك.. يهدل ويلقى فى فمها الطعام، ويترك حبات قلبه على فمها فيخرج من بيضها الصغار..
يوما ما طاردته رصاصة، لم ينج.. تهدم العش.. غادرته مجبرة..
هى الآن تعايش غيره.. تسمع هديله، يلقمها حبوبه، ويترك حبات قلبه على فمها فيخرج صغاره من بيضها.. تطير معه فتعبر فوق عشها القديم فتأتيها رياح الذكرى قوية تلقى بها بعيدا حيث عشها الجديد.

السبت، 16 مارس 2013

جن بن لادن


جن بن لادن قصص قصيرة جدا 

الجلد والسيف
سألتنى نفسى - الأمارة بالسوء – أن أحكى لها ما حكت شهرزاد.. فبدأت القول بأنه، فى سالف العصر والأوان، ربى الثعلب ثعبانا فى بيته، تركه حتى غير الثعبان جلده، عندها أدرك الثعلب خطأه، فتحين للثعبان...
وجد الثعبان الجلد المنشور، فظن بنفسه الخلود...
وبعد يا شهرزاد.. أطاح سيف مسرور برأس شهريار.

صدمة
مرتحل من بلاد بلا مياه إلى بلاد بلا حدود حلُمْ.. لكنه فى قمة الحلم هزته جريدة نخل .. أنت فى الصحراء افق.

إعلام
مل الثعلب طعام اللئام، قرر أن يحسن من صورته أمام العالم، فارتدى فروته البيضاء وكتب عليها… "بن لادن ليس صديقى ".

رصد
فى قصره المنيف، وبين نسائه الحور الثلاثة، رصده قمر صناعى صدفة، فأخرجه الراصد من جنته... وأسكنه القاع المظلم منفردا. 

"الشيخ"
الماء صافى.. تخلصت من ملابسها ووقفت بلباس البحر، كان المدى ينبئ بنهار جميل، فجأة عبرت حاملة الطائرات، خطت على الساحل اسما "غريبا".. تعكرت المياه.. فر المدى بالنهار الجميل.. حزن البحر.. ابتعدت ولباس البحر وبقى فقط اسم لا يحمله ساحل. 

زيف
أخرج من جيبه السرى صورة للمسيح… مسح الوجه البرئ المحمل بالآلام وألبسها وجهه، وكتب تحتها بالخط العربى .. "كأس لن تعبره الآلام".. ثم انفجر ميتا.

ذيل
صدرت التعليمات إلى الجنود بضرورة قطع رأس الثعبان (حتى يحسنوا الخاتمة)... لكن المهاجمين رصدوا ظاهرة غريبة.. فالقتيل بلا رأس. 

بداية
احتفلت الأسماك بمقدمه... أقاموا الأفراح والليالى الملاح.. سيد "الشهداء" اختار البحر له قبرا.. لعل نعم السماء تهبط عليهم.. ماءا وطعاما..
شاهد الشيخ ما يحدث صامتا.. اختفت من عينيه مشاعر الإنسانية، مسح عن وجهه تعابير البشَر... قبل نهاية الحفل بقليل.. فجر أول انتحارى نفسه. 


 إجابة
سأل المدرس.. لماذا هجرت الغربان صحارى العرب؟
نظر التلاميذ إلى بعضهم.. ظلت الإجابة معلقة فى السماء...
فى المساء وصل الخبر.. بن لادن يسكن البحار.

.. يوم .. 
خرج السندباد البحرى طالبا النجدة من السندباد البرى؛ فالمياه صارت غير المياه.. اختفت أسماك الزينة بألوانها المبهجة.. الشعاب المرجانية التى تتراقص على إيقاع الموج.. موسيقى القاع الصامتة الباعثة للدفء.. صارت المياه كالحة.. لبس البحر النقابا.. تفكر البرى كثيرا, فهذا كان لون البر حتى أمس.
 
فرع
حين تأمل الشيخ أسماك البحر.. لم يجد لرجالهم لحىً ولم ير للنساء نقابا.. فاستغفر الله من كفرهم وسارع - كما ظن – للجهاد.

نتيجة
بعد يومين من الوفاة.. شهد بحر العرب حادثا جديدا، هاجمت أسماك القرش نساء القبيلة بحجة أنهن سافرات.

أرزاق
ألقى الصياد بالشبكة فى المياه.. سمّى الرحمن واستعد لحصد رزق الصغار القابعين فى كهوف الجوع، لم يطل انتظاره..
"الرزق وفير".. قال لنفسه وسحب شبكته.. قاومه رزقه، لكنه انتصر.. خرجت الشبكة حاملة لفة بيضاء..
"كفن؟!".. صرخ الصياد..
-أكلت رزق الصغار.

اشتهاء
من رقدته الأخيرة، تحرك قاع البحر.. صهل.. رصدت أساطيل الأعادى صهيله.. خشيت أن يكون فى الأمر شئ، اعلنت الطوارئ وتحركت أجهزة استخباراتها لاستقصاء الأمر...
: ماذا تريد يا بن لادن؟
"فاندفع" كأنه لم يذق طعاما منذ عام..
 : أمل* وخيرية* وسهام* .
*يقال أنهن زوجات أسامة الموجودات معه فى القصر ساعة مقتله.

جن بن لادن
فى البحر رقد..
فى سنواته السبع الأولى.. قال.. "من يخرجنى سأكافأه  بأن اقتله"..
بعد سبعين سنة .. قال.. "من يخرجنى سأقتله وعائلته"..
بعد سبع مئة… …. "… سأقتله وعائلته ومدينته".
بعد سبعة آلاف…… "…. …………… وبلده".
بعد سبعين ألف ….. "……………………… وقارته".
بعد السبعة ملايين الأولى، لم يجد من يقتله فانتحر.